للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمدينة، وكانوا بعد عاد، فبعث الله منهم أخاهم صالحاً، فأمرهم بعبادة الله وحده؛ ولهذا قال: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ أي: ابتدأ خلقكم منها، خلق منها أباكم آدم ﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ أي: جعلكم عمارًا تعمرونها وتستغلونها ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ لسالف ذنوبكم ﴿ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ فيما تستقبلونه ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾. الآية.

﴿قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ﴾

يذكر تعالى ما كان من الكلام بين صالح وبين قومه، وما كان عليه قومه من الجهل والعناد في قولهم ﴿قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا﴾ أي: كنا نرجوك في عقلك قبل أن تقول ما قلت ﴿أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ وما كان عليه أسلافنا ﴿وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ أي: شك كثير.

﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ فيم أرسلني به إليكم على يقين وبرهان ﴿وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ﴾ وتركت دعوتكم إلى الحق وعبادة اللَّه وحده، فلو تركته لما نفعتموني ولما زدتموني ﴿غَيْرَ تَخْسِيرٍ﴾ أي: خسارة.

﴿وَيَاقَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (٦٤) فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ﴾

تقدم الكلام عليها في سورة الأعراف بما أغنى عن إعادته، فلله الحمد والمنة.