قال علماء البيان: هذا أحسن مما حيَّوه به؛ لأن الرفع يدل على الثبوت والدوام.
﴿فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾ أي: ذهب سريعًا فأتاهم بالضيافة، وهو عجل؛ فتى البقر، حنيذ: مشوي على الرضف وهي الحجارة المحماة.
هذا معنى ما روي عن ابن عباس وقتادة وغير واحد، كما قال في الآية الأخرى: ﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾.
وقد تضمنت هذه الآية آداب الضيافة من وجوه كثيره.
وقوله: ﴿فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ﴾ تنكرهم ﴿وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ وذلك أن الملائكة لا همة لهم إلى الطعام، ولا يشتهونه ولا يأكلونه، فلهذا رأى حالهم معرضين عما جاءهم به، فارغين عنه بالكلية، فعند ذلك نكرهم ﴿وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾.
قال السدي: لما بعث الله الملائكة لقوم لوط، أقبلت تمشي في صور رجال شبان، حتى نزلوا على إبراهيم فتضيفوه، فلما رآهم أجَلَّهم ﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ فذبحه، ثم شواه في الرضف، وأتاهم به فقعد معهم، وقامت سارة تخدمهم، فذلك حين يقول:(وامرأته قائمة وهو جالس) - في قراءة ابن مسعود - ﴿فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾ قالوا: يا إبراهيم إنا لا نأكل طعامًا إلا بثمن. قال: فإن لهذا ثمنًا. قالوا: وما