للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثمنه؟ قال: تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره. فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال: حُقَّ لهذا أن يتخذه ربه خليلاً. ﴿فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ﴾ يقول: فلما رآهم لا يأكلون فزع منهم وأوجس منهم خيفة، فلما نظرت إليه سارة أنه قد أكرمهم، وقامت هي تخدمهم ضحكت وقالت: عجبًا لأضيافنا هؤلاء نخدمهم بأنفسنا كرامة لهم، وهم لا يأكلون طعامنا!.

وقال ابن أبي حاتم (٦١): حدثنا على بن الحسين، ثنا نصر بن علي، ثنا نوح بن قيس، عن عثمان بن محصن، في ضيف إبراهيم قال: كانوا أربعة: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، ورفائيل. قال نوح بن قيس: فزعم عون [١] بن أبي شداد أنه لما دخلوا على إبراهيم، فقرّب إليهم العجل، مسحه جبريل بجناحيه، فقام يدرج حتى لحق بأمه وأم العجل في الدار.

وقوله تعالى إخبارًا عن الملائكة: ﴿قَالُوا لَا تَخَفْ﴾ أي: قالوا: لا تخف منا، إنا ملائكة أرسلنا إلى قوم لوط لنهلكهم، فضحكت سارًة استبشارًا بهلاكهم لكثرة فسادهم وغلظ كفرهم وعنادهم؛ فلهذا جوزيت بالبشارة بالولد بعد الإياس.

وقال قتادة: ضحكت وعجبت أن قومًا يأتيهم العذاب وهم في غفلة.

وقوله: ﴿وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ قال العوفي، عن ابن عباس ﴿فَضَحِكَتْ﴾ أي: حاضت.

وقول محمد بن قيس: إنها إنما ضحكت من أنها ظنت أنهم يريدون أن يعملوا كما يعمل قوم لوط. وقول الكلبي: إنها إنما ضحكت لما رأت من الروع بإبراهيم - ضعيفان جدًّا. وإن كان ابن جرير قد رواهما بسنده إليهما، فلا يلتفت إلى ذلك، والله أعلم.

وقال وهب بن منبه: إنما ضحكت لما بشرت بإسحاق. وهذا مخالف لهذا السياق؛ فإن البشارة صريحة مرتبة على ضحكها.

﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ أي: بولد لها يكون له ولد وعقب ونسل، فإن يعقوب ولد إسحاق، كما قال فى سورة البقرة: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.


(٦١) - " التفسير" لابن أبي حاتم (٦/ ١١٠١٢).
[١]- في ز، خ: "نوح" والمثبت من ابن أبي حاتم (٦/ ١١٠١٢) وهو الصواب.