للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذلك، فأي حاجة في تكرار القول علينا في ذلك؟ قال السدي: ﴿وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ إنما نريد الرجال.

﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠) قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾

يقول تعالى مخبرًا عن نبيه لوط إن لوطًا توعدهم بقوله: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً﴾. الآية. أي: لكنت نكلت بكم، وفعلت بكم الأفاعيل بنفسي وعشيرتي؛ ولهذا ورد في الحديث (٦٤) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله، ، قال: "رحمة الله على لوط! لقد كان يأوي إلى ركن شديد - يعني الله ﷿ فما بعث اللَّه بعده من نبي إلا في ثَرْوة (*) من قومه".

فعند ذلك أخبرته الملائكة أنهم رسل الله إليه، وأنهم لا وصول لهم إليه ﴿قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾ وأمروه أن يسري بأهله من آخر الليل، وأن يتبع أدبارهم، أي: يكون ساقة لأهله ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ أي: إذا سمعت ما نزل بهم، ولا تهولنكم تلك الأصوات المزعجة، ولكن استمروا ذاهبين. ﴿إِلَّا امْرَأَتَكَ﴾ قال الأكثرون، هو استثناء من المثبت وهو قوله: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ﴾ تقديره: ﴿إِلَّا امْرَأَتَكَ﴾ وكذلك قرأها ابن مسعود، ونصب هؤلاء امرأتك؛ لأنه من مثبت فوجب نصبه عندهم.

وقال آخرون من القراء والنحاة: هو استثناء من قوله ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا﴾


(٦٤) - حسن، أخرجه أحمد (٢/ ٣٣٢ - وفي مواضع أخر)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٦٠٥)، والترمذي، كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة يوسف (٣١١٥)، والنسائي في "التفسير" (٦/ ١١٢٥٤)، وابن جرير (١٢/ ٨٧)، وابن أبى حاتم (٦/ ١١٠٧٦)، وتمام في فوائده (٤/ ١٤٤١، ١٤٤٢ - الروض)، والطحاوي فى "مشكل الآثار" (٣٣٠) بروايات مطولة ومختصرة، وقال الترمذي: "حديث حسن"، وصححه ابن حبان (١٤/ ٦٢٠٦، ٦٢٠٧)، والحاكم (٢/ ٣٤٧، ٥٦١، ٥٧١) على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، ومحمد بن عمرو لم يخرج له مسلم في أصل الصحيح، وإنما أخرج له متابعة، والجزء الأول منه عند البخاري (٣٣٧٢)، ومسلم (٢٣٨) (١٥١) من حديث أبي هريرة أيضًا. وفي بعض رواياته لفظة منكرة نبهت عليها عند [سورة يوسف/ آية ٤٢].
(*) الثروة: العدد الكثير.