يقول لهم: ﴿وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي﴾ أي: لا [١] تحملنكم عداوتي وبغضي على الإِصرار على ما أنتم عليه من الكفر والفساد، فيصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط من النقمة والعذاب، وقال قتادة: ﴿وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي﴾ يقول: لا يحملنكم فراقي - وقال السدي: عداوتي - على أن تتمادوا في الضلال والكفر فيصيبكم من العذاب ما أصابهم.
وقال ابن أبي حاتم (٧٦): ثنا [محمد][٢] بن عوف الحمصي، ثنا أبو المغيرة عبد القدوس ابن الحجاج، ثنا ابن أبي [٣] غنية، حدثني عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي ليلى الكندي قال: كنت مع مولاي أمسك دابته وقد أحاط الناس بعثمان بن عفان، إذ أشرف علينا من داره فقال: ﴿وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ﴾ يا قوم، لا تقتلوني، إنكم إن تقتلوني [٤] كنتم هكذا. وشبك بين أصابعه.
وقوله: ﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ [قيل: المراد في الزمان، قال قتادة][٥]: يعني إنما هلكوا بين أيديكم بالأمس، وقيل: في المكان، ويحتمل الأمران ﴿وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ [أي: استغفروه][٦] من سالف الذنوب ﴿ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ فيما تستقبلونه من الأعمال السيئة، وقوله: ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ أي: لمن تاب وأناب.