للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلا كما قال العبد الصالح: ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾.

﴿وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠)

يقول لهم: ﴿وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي﴾ أي: لا [١] تحملنكم عداوتي وبغضي على الإِصرار على ما أنتم عليه من الكفر والفساد، فيصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط من النقمة والعذاب، وقال قتادة: ﴿وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي﴾ يقول: لا يحملنكم فراقي - وقال السدي: عداوتي - على أن تتمادوا في الضلال والكفر فيصيبكم من العذاب ما أصابهم.

وقال ابن أبي حاتم (٧٦): ثنا [محمد] [٢] بن عوف الحمصي، ثنا أبو المغيرة عبد القدوس ابن الحجاج، ثنا ابن أبي [٣] غنية، حدثني عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي ليلى الكندي قال: كنت مع مولاي أمسك دابته وقد أحاط الناس بعثمان بن عفان، إذ أشرف علينا من داره فقال: ﴿وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ﴾ يا قوم، لا تقتلوني، إنكم إن تقتلوني [٤] كنتم هكذا. وشبك بين أصابعه.

وقوله: ﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ [قيل: المراد في الزمان، قال قتادة] [٥]: يعني إنما هلكوا بين أيديكم بالأمس، وقيل: في المكان، ويحتمل الأمران ﴿وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ [أي: استغفروه] [٦] من سالف الذنوب ﴿ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ فيما تستقبلونه من الأعمال السيئة، وقوله: ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ أي: لمن تاب وأناب.

﴿قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ


(٧٦) - إسناده حسن، "التفسير" لابن أبي حاتم (٦/ ١١١٥٤)، وزاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ٩٢٦) إلى ابن أبي شيبة.