للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)

لما يئس نبي الله شعيب من [استجابة قومه] [١] له قال: ﴿يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾ أي: على طريقتكم، وهذا تهديد ووعيد شديد ﴿إِنِّي عَامِلٌ﴾ على طريقتي ومنهجى فـ ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾ أي: في الدار الآخرة ﴿وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ﴾ أي: مني ومنكم ﴿وَارْتَقِبُوا﴾ أي: انتظروا ﴿إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ﴾.

قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [وهم قومه] [٢] ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ [وقوله: ﴿جَاثِمِينَ﴾] [٣] أي: هامدين لا حراك بهم، وذكر هاهنا أنه أتتهم صيحة، وفي الأعراف: رجفة، وفي الشعراء: عذاب يوم الظلة، وهم أمة واحدة اجتمع عليهم يوم عذابهم هذه النقم كلها، وإنما ذكر [في] [٤] كل سياق ما يناسبه؛ ففي الأعراف لما قالوا: ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا﴾ ناسب أن يذكر هناك [٥] الرجفة، فرجفت بهم الأرض التي ظلموا بها وأرادوا إخراج نبيهم منها، وههنا لما أساءوا الأدب في مقالتهم على نبيهم [ناسب] [٦] ذكر الصيحة التي أسكتتهم وأخمدتهم، وفي الشعراء لما قالوا: ﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ قال: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ وهذا من الأسرار الغريبة الدقيقة، ولله الحمد والمنة كثيرًا دائمًا.

وقوله: ﴿كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾ أي: يعيشوا في دارهم قبل ذلك ﴿أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾ وكانوا جيرانهم قريبًا منهم في الدار، وشبيهًا بهم في الكفر وقطع الطريق، وكانوا عربًا شبههم [٧].

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٩٦) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ


[١]- في خ: "استجابتهم".
[٢]- زيادة من: ز.
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز.
[٤]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٥]- في ز: "هنا".
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٧]- في خ: "مثلهم".