وقال العوفي عن ابن عباس (٣٣) قوله: ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ يعني إخوة يوسف أسروا شأنه، وكتموا أن يكون أخاهم، وكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتله إخوته، واختار البيع، فذكره إخوته لوارد القوم، فنادى أصحابه ﴿يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ﴾ يباع، فباعه إخوته.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ أي: عليم [١] بما يفعله إخوة يوسف ومشتروه، وهو قادر على تغيير ذلك ودفعه، ولكن له حكمة وقدر سابق، فترك ذلك ليمضي ما قدره وقضاه ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾.
وفي هذا تعريض لرسوله محمد، ﷺ، وإعلام له بأني عالم بأذى قومك لك، وأنا قادر على الإنكار عليهم، ولكني سأملي لهم، ثم أجحل لك العاقبة والحكم عليهم، كما جعلت ليوسَف الحكم، والعاقبة على إخوته.
والبخس: هو النقص؛ كما قال تعالى: ﴿فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا﴾ أي: اعتاض عنه إخوته بثمن دُونٍ قليلِ، وكانوا مع ذلك فيه من الزاهدين، أي: ليس لهم رغبة فيه بل لو سألوه بلا شيء لأجابوا [٢].
قال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك: ان الضمير في قوله ﴿وَشَرَوْهُ﴾ عائد على إخوة يوسف. وقال قتادة: بل هو عائد على السيارة.
[والأول أقوى؛ لأن قوله ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ إنما أراد إخوته لا أولئك السيارة؛ لأن السيارة][٣] استبشروا به وأسروه بضاعة، ولو كانوا فيه زاهدين لما اشتروه، فترجح من هذا أن الضمير في ﴿وَشَرَوْهُ﴾ إنما هو لإخوته.
وقيل: المراد بقوله: ﴿بَخْسٍ﴾ الحرام، وقيل: الظلم، وهذا وإن كان كذلك، لكن ليس هو المراد هنا؛ لأن هذا معلوم يعرفه كل أحد: أن ثمنه حرام على كل حال وعلى كل أحد؛ لأنه نبي ابن نبي ابن نبي ابن خليل الرحمن، فهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، وإنما المراد هنا بالبخس الناقص، أو الزيوف، أو كلاهما، أي: إنهم إخوته وقد