للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (١٩) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)

يقول تعالى مخبرًا عما جرى ليوسف حين ألقاه إخوته، وتركوه في ذلك الجب فريدًا وحيدًا، فمكث في البئر ثلاثة أيام بم فيما قاله أبو بكر بن عياش (٣٠).

وقال محمد بن إسحاق (٣١): لما ألقاه إخوته جلسوا حول البئر يومهم ذلك، ينظرون ماذا [١] يصنع وما يصنع به، فساق اللَّه له سيارة فنزلوا قريبًا من تلك البئر، وأرسلوا واردهم، وهو الذي يتطلب لهم الماء، فلما جاء ذلك البئر وأدلى دلوه فيها، تشبث يوسف، ، فيها، فأخرجه واستبشر به وقال: ﴿يَا بُشْرَى [٢] هَذَا غُلَامٌ﴾.

وقرأ بعض القراء: ﴿يَا بُشْرَى [٣]﴾، فزعم السدي: أنه اسم رجل ناداه ذلك الرجل الذي أدلى دلوه، مُعْلِمًا له أنه أصاب غلامًا، وهذا القول من السدي غريب؛ لأنه لم يُسبق إلى تفسير هذه القراءة بهذا إلا في رواية عن ابن عباس (٣٢)، والله أعلم. وإنما معنى القراءة على هذا النحو يرجع إلى القراءة الأخرى، ويكون قد أضاف البشرى إلى نفسه، وحذف ياء الإِضافة وهو يريدها [٤]، كما تقول العرب: يا نفس اصبري، ويا غلام أقبل، بحذف [٥] حرف الإِضافة، ويجوز الكسر حينئذ والرفع، وهذا منه، وتفسرها القراءة الأخرى (يا بشراي) واللَّه أعلم.

وقوله ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ أي: وأسره الواردون من بقية السيارة، وقالوا: اشتريناه وتبضعناه من أصحاب الماء، مخافة أن يشاركوهم فيه إذا علموا خبره، قاله مجاهد، والسدي، وابن جرير؛ هذا قول.


(٣٠) - أخرجه ابن أبي حاتم (٧/ ١١٣٦٥) وابن مردويه - كما في "الدر المنثور" (٤/ ١٥).
(٣١) - أخرجه ابن أبي حاتم (٧/ ١١٤٠٣).
(٣٢) - أخرجه ابن جرير عنه (١٢/ ١٦٩) بإسناد ضعيف.