للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذي أكله فيه الذئب، وقد أصابه من دمه، ولكنهم نسوا أن يخرقوه؛ فلهذا لم يرج هذا الصنيع على نبي اللَّه يعقوب، بل قال لهم معرضا عن كلامهم إلى ما وقع في نفسه من تمالئهم عليه ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ أي: فسأصبر صبرًا جميلًا على هذا الأمر الذي اتفقتم عليه، حتى يفرجه اللَّه بعونه ولطفه ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ أي: على ما تذكرون من الكذب والمحال.

وقال الثوري (٢٥)، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ قال [١]: لو أكله السبع لخرق الفميص. وكذا قال الشعبي، والحسن، وقتادة، وغير واحد.

وقال مجاهد: الصبر الجميل الذي لا جزع فيه.

وروى هشيم (٢٦)، عن عبد الرحمن بن يحيى (٢٧)، عن حبان بن أبي جبلة قال: سُئل رسول اللَّه، ، عن قوله: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ فقال: "صبر لا شكوى فيه". وهذا مرسل.

وقال عبد الرزاق (٢٨): قال الثوري عن بعض أصحابه: أنه قال: ثلاث من الصبر؛ أن لا تحذث بوجعك، ولا بمصيبتك، ولا تزكي نفسك.

وذكر البخاري (٢٩) هاهنا حديث عائشة، ، في الإفك، حتى ذكر قولها: واللَّه، لا أجد لي ولكم مثلًا إلا أبا يوسف ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾.


(٢٥) - إسناده حسن أخرجه ابن جرير (١٢/ ١٦٤)، وابن أبي حاتم (٧/ ١١٣٩٠)، والفريابي، وابن النذر، وأبو الشيخ - كما في "الدر المنثور" (٤/ ١٦).
(٢٦) - مرسل أخرجه ابن جرير (١٢/ ١٦٦)، وابن أبي حاتم (٧/ ١١٣٩٧)، وزاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ١٧) إلى ابن أبي الدنيا في "كتاب الصبر" وابن المنذر.
(٢٧) - كذا قال هشيم، وصوابه يحيى بن عبد الرحمن أبو شيبة المصري، قال البخاري وغيره: كان هشيم يغلط يقول: عبد الرحمن بن يحيى. "انظر تهذيب الكمال" (٣١/ ت ٦٨٧١).
(٢٨) - أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ٣١٩)، ومن طريقه ابن جرير (١٢/ ١٦٦)، وزاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ١٧) إلى ابن النذر.
(٢٩) - كتاب: التفسير، باب: ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ (٤٦٩٠، ٤٦٩١). وانظر (سورة النور آية الإفك).