للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ يقول: لا يدرون حكمته في خلقه، وتلطفه [وفعله] [١] لما يريده [٢].

وقوله: ﴿ولما بلغ﴾ أي: يوسف ﴿أشده﴾ أي: استكمل عقله [٣]، وتم خلقه ﴿آتيناه حكمًا وعلمًا﴾ يعني: النبوة، أنه حباه بين أولئك الأقوام ﴿وكذلك نجزي المحسنين﴾ أي: إنه كان محسنًا في عمله عاملًا بطاعة الله [٤] تعالى، وقد اختلف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده؛ فقال ابن عباس (٣٩) ومجاهد وقتادة: ثلاث وثلاثون سنة [٥]، وعن ابن عباس (٤٠): بضع وثلاثون، وقال الضحاك: عشرون، وقال الحسن: أربعون سنة، وقال عكرمة: خمس وعشرون سنة، وقال السدي: ثلاثون سنة، وقال سعيد بن جبير: [ثماني عشرة] [٦] سنة، وقال الإمام مالك وربيعة بن زيد بن أسلم والشعبي: الأشُدّ: الحلم، وقيل غير ذلك والله أعلم.

﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣)

يخبر تعالى عن امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها بمصر، وقد أوصاها زوجها به وبإكرامه، فراودته [٧] عن نفسه، أي: حاولته على نفسه ودعته إليها، وذلك أنها أحبته حبًّا شديدًا، لجماله وحسنه وبهائه، فحملها ذلك على أن تجملت له، وغلقت عليه الأبواب، ودعته إلى نفسها ﴿وقالت هيت لك﴾ فامتنع من ذلك أشد الامتناع و ﴿قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي﴾ وكانوا يطلقون الرب على السيد والكبير، أي: إن بعلك ربي


(٣٩) - إسناده حسن، أخرجه ابن أبي حاتم (٧/ ١١٤٤٣) من طريق عبد الله بن إدريس - وهو ثقة فقيه عابد كما في "التقريب - عن عبد الله بن عثمان - وهو صدوق - عن مجاهد عنه، به، وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (٧/ ٦٨٢٩) من طريق صدقة بن يزيد عن عبد الله بن عثمان عن سعيد بن جبير عنه به، وصدقة بن يزيد، قال أحمد: حديثه ضعيف "الجرح والتعديل" (٤/ ت ١٨٩٣)، وزاد نسبته السيوطي (٤/ ٢٠) إلى سعيد بن منصور وابن جرير - انظر ما بعده - وابن الأنباري في "كتاب الأضداد"، وابن مردويه.
(٤٠) - في شده انقطاع، وأخرجه ابن جرير (١٢/ ١٧٧)، وانظر ما قبله.