للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فلما سمعت بمكرهن﴾ قال بعضهم: بقولهن، وقال محمد بن إسحاق: بل بلغهن حُسْنُ ورسف فأحببن أن يرينه، فقلن ذلك ليتوصلن إلى رؤيته ومشاهدته، فعند ذلك ﴿أرسلت إليهن﴾ أي [١]: دعتهن إلى منزلها لتضيفهن ﴿وأعدت لهن متكأ﴾. قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والحسن، والسدي، وغيرهم: هو المجلس المعد، فيه مفارش ومخاد وطعام، فيه ما يقطع بالسكاكين من أترج ونحوه؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وآتت كل واحدة منهن سكينا﴾ وكان هذا مكيدة منها، ومقابلة لهن في احتيالهن على رؤيته ﴿وقالت اخرج عليهن﴾ وذلك أنها كانت قد خبأته في مكان آخر ﴿فلما﴾ خرج و ﴿رأينه أكبرنه﴾ أي: أعْظمنَ شأنه، وأجللن قدره، وجعلن يقطعن أيديهن دهشًا برؤيته، وهن يظنن أنهن يقطعن الأترج بالسكاكين، والمراد: أنهن حززن أيديهن بها؛ قاله غير واحد.

وعن مجاهد وقتادة: قطعن أيديهن حتى ألقينها، فالله أعلم.

وقد ذُكر عن زيد بن أسلم أنها قالت لهن بعد ما أكلن وطابت أنفسهن، ثم وضعت بين أيديهن أترجًا وآتت كل واحدة منهن سكينًا: هل لكن في النظر إلى يوسف؟ قلن: نعم. فبعثت إليه تأمره أن اخرج إليهن، فلما رأينه جعلن يقطعن أيديهن، ثم أمرته أن يرجع ليرينه مقبلًا ومدبرًا، فرجع وهن يحززن في أيديهن، فلما أحسسن بالألم جعلن يولولن، فقالت [٢]: أنتن من نظرة واحدة فعلتن هذا، فكيف ألامُ أنا؟ ﴿فقلن حاش لله ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملك كريم﴾ ثم قلن لها: وما نرى عليك من لوم بعد هذا الذي رأينا. لأنهن لم يرين في البشر شبهه [٣] ولا قريبًا منه، فإنه، ، كان قد أعطي شطر الحسن، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح في حديث الإِسراء (٦٠): أن رسول الله، ، مر بيوسف، ، في السماء الثالثة قال: "فإذا هو قد أعطي شطر الحسن".

وقال حماد بن سلمة (٦١)، عن ثابت، عن أنس قال: قال، : "أعطي يوسف وأمه شطر الحسن".


(٦٠) - صحيح، وسيأتي في (الإسراء/ آية ١). وانظر ما بعده.
(٦١) - أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٧/ كتاب الفضائل، باب (١٣) حديث ٤)، وابن جرير (١٦/ ١٩٢٢٨)، وابن عدي في "الكامل" (٥/ ٢٠٢١)، والحاكم (٢/ ٥٧٠)، والذهبي في =