للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا عن ابن مسعود وابن عباس، ، مخالف لما رواه آخرون عنهما.

أما ابن عباس: فروى الأعمش (١٦١)، عن مسلم عن ابن عباس في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾ قال: لما أيست الرسل أن يستجيب لهم قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم جاءهم النصر على ذلك ﴿فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ﴾.

وكذا رُوي عن سعيد بن جبير وعمران بن الحارث السلمي وعبد الرحمن بن معاوية وعلى ابن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس بمثله.

وقال ابن جرير (١٦٢): حدثني المثنى، حدثنا عارم أبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا شعيب، حدثني إبراهيم بن أبي حرة [١] الجزري قال: سأل فتى من قريش سعيد بن جبير فقال [٢]: يا أبا عبد الله، كيف تقرأ هذا الحرف، فإني إذا أتيت عليه تمنيت أن لا أقرأ هذه السورة ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾. قال: نعم، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدِّقوهم، وظن المرسَلُ إليهم أن الرسل قد [٣] كَذبوا. قال: فقال الضحاك بن مزاحم: ما رأيت كاليوم قط رجلًا يُدعَى إلى علم فيتلكأ، لو رحلت إلى اليمن في هذه كان قليلًا.

ثم روى ابن جرير (١٦٣) أيضًا من وجه آخر: أن مسلم بن يسار سأل سعيد بن جبير عن ذلك فأجابه بهذا الجواب، فقام إلى سعيد فاعتنقه وقال: فرج الله عنك كما فرجت عني

وهكذا رُوي من غير وجه عن سعيد بن جبير أنه فسرها كذلك. وكذا فسرها مجاهد بن جبر وغير واحد من السلف، حتى أن مجاهدًا قرأها ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾ بفتح الذال. رواه ابن جرير (١٦٤)، إلا أن بعض من فسرها كذلك يعيد الضمير في قوله ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾ إلى أتباع الرسل من المؤمنين، ومنهم من يعيده إلى الكافرين منهم، أي: وظن الكفار أن الرسل قد كذِبوا - مخففة - فيما وعدوا به من النصر.


(١٦١) - أخرجه ابن جرير (١٦/ ١٩٩٨٧، ١٩٩٨٨) من طريقين عن أبي معاوية عن الأعمش، به.
(١٦٢) - إسناده صحيح، التفسير (١٦/ ٢٠٠٠٨): و"إبراهيم بن أبي حُرة الجزري" ضعفه الساجى، لكن وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم وزاد "لا بأس به" انظر "لسان الميزان" (ت / ١٠٠)، وشعيب هو ابن الحباب الأزدي: "ثقة" وانظر ما بعده.
(١٦٣) - التفسير (١٦/ ٢٠٠٠٩) حدثني المثنى: قال: حدثنا الحجاج، قال: حديث ربيعة بن كلثوم، قال: حدثني أبي أن مسلم بن يسار. . . فذكر الحديث.
(١٦٤) - التفسير (١٦/ ٢٠٠١١، ٢٠٠١٢).