للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ابن مسعود؛ فقال ابن جرير (١٦٥): حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا محمد ابن فضيل، عن جحش [١] بن زياد الضبي، عن تميم بن حذلم [٢] قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول فى هذه الآية: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ من إيمان قومهم أن يؤمنوا لهم [٣]، وظن قومهم حين أبطأ الأمر أنهم قد [٤] كذبوا [مخففة] [٥].

فهاتان روايتان عن كل من ابن مسعود وابن عباس، وقد أنكرت ذلك عائشة على من فسرها بذلك، وانتصر لها ابن جرير وَوَجَّه المشهور عن الجمهور، وزيَّف القول [٦] الآخر بالكلية، ورده وأباه ولم يقبله ولا ارتضاه، والله أعلم.

﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)

يقول تعالى: لفد كان في خبر المرسلين مع قومهم، وكيف أنجينا [٧] المؤمنين وأهلكنا الكافرين ﴿لَعِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ وهي العقول ﴿مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى﴾ أي: وما كان لهذا القرآن أن يفترى من دون الله، أي: يكذب ويختلق ﴿وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ أي: من الكتب المنزلة من السماء، وهو يصدق ما فيها من الصحيح، وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير، ويحكم عليها بالنسخ أو التقرير ﴿وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ من تحليل وتحريم ومحبوب ومكروه، وغير ذلك من الأمر بالطاعات والواجبات والمستحبات، والنهي عن المحرمات وما شاكلها من المكروهات، والإخبار عن الأمور الجلية، وعن الغيوب المستقبلة؛ المجملة والتفصيلية، والإخبار عن الرب بالأسماء [٨] والصفات [٩]، وتنزيهه عن مماثلة المخلوقات، فلهذا كان ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ تهتدي به قلوبهم من الغي إلى الرشاد، ومن الضلالة [١٠] إلى السداد، ويبتغون به الرحمة


(١٦٥) - التفسير (١٦/ ٢٠٠١٨).