عنهم، ولا يخفى عليه منه شيء ﴿الْكَبِيرُ﴾ الذي هو أكبر من كل شيء ﴿الْمُتَعَالِ﴾ أي: على كل شيء ﴿قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ وقهر كل شيء فخضعت له الرقاب، ودان له العباد طوعا وكرهًا.
يخبر تعالى عن إحاطة علمه بجميع خلقه، و [١] سواء منهم من أسر قوله أو جهر به، نإنه يسمعه لا يخفي عليه شئ، كقوله: ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾، وقال: ﴿وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ﴾، وقالت عائشة ﵂(٢٤): سبحان الذي وسع سمعه الأصوات، والله لقد [٢] جاءت المجادلة تشتكي زوجها إلى رسول الله ﷺ، وأنا [٣] في جنب البيت وإنه ليخفى على بعض كلامها، فأنزل الله: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾.
وقوله: ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ أي: مختف في قعر بيته في ظلام الليل ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ أي: ظاهر ماش في بياض النهار وضيائه، فإن كليهما [٤] في علم الله على السواء، كقوله تعالى: ﴿أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ [يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ][٥]﴾، وقوله [٦] تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.
وقوله: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ أي: للعبد ملائكة يتعاقبون عليه، حرس بالليل وحرس بالنهار، يحفظونه من الأسواء والحادثات، كما