للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأحوال، في [١] آناء الليل وأطراف النهار ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ أي: يدفعون القبيح بالحسن، فإذا آذاهم أحد قابلوه بالجميل صبرًا واحتمالًا وصفحًا وعفوًا، كقوله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلا ذُو حَظٍّ عَظِيم﴾ ولهذا قال مخبرًا عن هؤلاء السعداء المتصفين بهذه الصفات الحسنة: بأن لهم عقبى الدار، ثم فسر ذلك بقوله ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ والعدن: الإِقامة، أي: جنات إقامة يخلدون فيها.

وعن عبد الله بن عمرو (٦٨) أنه قال: إن في الجنة قصرًا يقال له عدن، حوله البروج والمروج، فيه خمسة آلاف باب على كل باب خمسة آلاف حِبَرة، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد. وقال الضحاك في قوله: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ مدينة الجنة فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدي، [والناس حولهم بعد والجنات] [٢] حولها. رواهما ابن جرير.

وقوله: ﴿وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ﴾ أي: يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها؛ من الآباء والأهلين والأبناء، ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين؛ لتقرّ أعينهم بهم، حتى أنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى [من غير تنقيص للأعلى عن درجته] [٣] بل امتنانًا من الله وإحسانًا،، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ [٤] بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [٥]﴾ الآية.

وقوله: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ أي: وتدخل عليهم الملائكة من ها هنا ومن ها هنا للتهنئة بدخول [٦] الجنة، فعند


(٦٨) - أخرجه ابن جرير (١٦/ ٢٠٣٤٢) حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق قال ثنا علي بن جرير، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء عن نافع بن عاصم عن عبد الله بن عمرو فذكره، قال الشيخ محمود شاكر "وهذا إسناد صحيح إلى عبد الله بن عمرو، لولا ما فيه من جهالة "علي بن جرير"- انظر الأثر المتقدم برقم (٣٠) وهو موقوف على عبد الله بن عمرو، لم أجد من رفعه".
قلت: أخرجه البزار (٢/ ١٥٩١ - كشف)، (١/ ١٢٤٠ - مختصر الزوائد) - ومن طريقه أبو نعيم في كتاب "العادلين" ومن طريق أبي نعيم الديلمي في مسنده -كما في "تخريج أحاديث العادلين" للسخاوي (ص ٦٩) - من طريق آخر عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا وقال البزار "لا نعلمه يروى عن=