للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن جرير (٦٢): يقول تعالى مخبرًا عن إبراهيم خليله أنه قال: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾ أي: أنت تعلم قصدي في دعائي، وما أردت بدعائي لأهل هذا البلد، وإنما هو القصد إلى رضاك والإخلاص لك، فإنك تعلم الأشياء كلها ظاهرها وباطنها، ولا يخفى عليك منها شيء في الأرض ولا في السماء.

ثم حمد ربه ﷿ على ما رزقه من الولد بعد الكبر، فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ أي: إنه ليستجيب [١] لمن دعاه، وقد استجاب لي فيما سألته من الولد.

ثم قال: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ﴾ أي: محافظًا عليها مقيمًا لحدودها ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ أي: واجعلهم كذلك مقيمين الصلاة ﴿رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ أي: فيما سألتك فيه كله.

﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ قرأ بعضهم: (ولوالدي) [على الإفراد] [٢]، وكان هذا قبل أن يتبرأ من أبيه لما تبين له عداوته لله ﷿ ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: كلهم ﴿يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ أي: يوم تحاسب عبادك فتجزيهم بأعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (٤٣)

يقول تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ﴾ يا محمَّد ﴿غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ أي: لا [٣] تحسبه [٤] إذا أنظرهم وأجلهم أنه غافل عنهم، مهمل لهم، لا يعاقبهم على صنعهم، بل هو يحصي ذلك عليهم، ويعده عدًّا، [] [٥]: ﴿إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ أي: من شدة الأهوال يوم القيامة.

ثم ذكر تعالى كيفية قيامهم من قبورهم، ومجيئهم إلى قيام المحشر فقال: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ أي: مسرعين، كما قال تعالى: ﴿مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ … ﴾ الآية، [وقال تعالى:


(٦٢) - في التفسير (١٣/ ٢٣٣).