للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوي إِلَيهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧)[إبراهيم: ٣٧]

وهذا يدل على أن هذا دعاء ثان بعد الدعاء الأول، الذي دعا به عندما [١] ولى عن هاجر وولدها، وذلك قبل بناء البيت، وهذا كان بعد بنائه تأكيدًا ورغبة إلى الله ﷿؛ ولهذا قال: ﴿عِنْدَ بَيتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾.

وقوله: ﴿رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ قال ابن جرير: هو متعلق بقوله: ﴿الْمُحَرَّمِ﴾ أي: إنما جعلته محرمًا ليتمكن أهله من إقامة الصلاة عنده.

﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوي إِلَيهِمْ﴾ قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير: لو قال: أفئدة الناس لازدحم عليه فارس والروم واليهود والنصارى والناس كلهم، ولكن قال: ﴿مِنَ النَّاسِ﴾ فاختص به المسلمون.

وقوله: ﴿وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ أي: ليكون ذلك عونًا لهم على طاعتك، وكما أنه واد غير ذي زرع فاجعل لهم ثمارًا يأكلونها، وقد استجاب الله ذلك كما قال: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا﴾ وهذا من لطفه تعالى وكرمه ورحمته وبركته: أنه ليس في البلد الحرام مكة شجرة مثمرة، وهي تجبى إليها ثمرات مما حولها، استجابة [لخليله إبراهيم] [٢]، .

﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (٣٨) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (٤١)


[١]- في خ: "بعدما".
[٢]- في ت: "لدعاء الخليل".