للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَهُدًى لِلْعَالمِينَ (٩٦) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾، وقال في هذه القصة: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾ فعرفه كأنه [١] دعا به بعد بنائها، ولهذا قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ ومعلوم أن إسماعيل أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة، فأما حين ذهب بإسماعيل وأمه وهو رضيع إلى مكان مكة، فإنه دعا أيضًا فقال: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾. كما ذكرناه هنالك في سورة البقرة مستقصى مطولًا.

وقال [٢]: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ ينبغي لكل داع أن يدعو لنفسه ولوالديه ولذريته.

ثم ذكر أنه افتتن بالأصنام خلائق من الناس، وأنه بريء [٣] ممن عبدها، وردّ أمرهم إلى الله؛ إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم، يقول [٤] عيسى : ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)[المائدة: ١١٨] وليس [في هذا] [٥] أكثر من الردّ إلى مشيئة الله تعالى، لا تجويز وقوع ذلك.

قال عبد الله بن وهب (٦١): حدثنا عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة حدثه، عن عبد الرحمن بن جُبَير، عن عبد الله بن عمرو؛ أن رسول الله، ، تلا قول إبراهيم ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)[إبراهيم: ٣٦]، وقول [٦]، عيسى : ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، [فرفع يديه وقال] [٧]: "اللهم أمتي، اللهم أمتي، اللهم أمتي". وبكى، فقال الله: [يا جبريل، اذهب] إلى محمَّد -وربك أعلم- واسأله ما يبكيه؟ فأتاه جبريل، ، فسأله، فأخبره رسول الله، ، ما قال، فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمَّد فقل له [٨]: إنا سنرضيك في أمّتك ولا نسوؤك.


(٦١) - صحيح، ولفظ المصنف هو الذي أورده ابن جرير في تفسيره (١٣/ ٢٢٩)، والحديث أخرجه مسلم، كتاب: الإيمان، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وملم- لأمته وبكائه شفقة عليهم (٣٤٦) (٢٠٢)، والنسائي في "التفسير" من الكبرى (٦/ ١١٢٦٩).