للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إبراهيم في ربه نسرين صغيرين فرباهما حتى استغلظا [واستعلجا [١] وشبا] [٢]، قال: فأوثق رِجْل كل واحد [٣] منهما بوتد إلى تابوت وجوعهما، وقعد هو وَرَجُلٌ آخر في التابوت، قال: ورفع في التابوت عصا على رأسه اللحم، قال: فطارا وجعل يقول لصاحبه: انظر ماذا ترى. قال: أرى [٤] كذا وكذا، حتى قال: أرى الدنيا كلها كأنها ذباب. قال: [فقال: صوب] [٥] العصا فصوبها فهبطا. قال فهو قول الله [٦] ﷿ ﴿وَإِنْ كَادَ [٧] مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾. قال أبو إسحاق: وكذلك هي في قراءة عبد الله ﴿وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ﴾.

قلت: وكذا [٨] روي عن أبي بن كعب وعمر بن الخطاب، ، أنهما قرآ ﴿وإن كاد﴾ كما قرأ علي، وكذا رواه سفيان الثوري وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن أذنان [٩]، عن علي … فذكر نحوه، وكذا روي عن عكرمة: أن سياق [١٠] هذه القصة لنمروذ [١١] ملك كنعان: أنه رام أسباب السماء بهذه الحيلة والمكر، كما رام ذلك بعده فرعون ملك القبط في بناء الصرح، فعجزا وضعفا وهما أقل وأحقر وأصغر وأدحر.

وذكر مجاهد هذه القصة عن بُخْتَنَصَّر، وأنه لما انقطع بصره عن الأرض وأهلها نودي: أيها الطاغية أين تريد؟ فَفَرقَ، ثم سمع الصوت فوقه [فصوب الرماح] [١٢]، فصوبت النسور ففزعت الجبال من هدتها، وكادت الجبال أن تزول من حس ذلك، فذلك قوله: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾.

ونقل ابن جريج، عن مجاهد أنه قرأها: (لَتزولُ منه الجبال) بفتح اللام الأولى وضم الثانية.

وروى العوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ يقول: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال. وكذا قال الحسن البصري، ووجهه ابن جرير:


[١]- استعلج فلان: غلُظ واشتد وضخم بدنه.
[٢]- في ز، خ: "واستعجلا فشبا".
[٣]- في خ: "واحة".
[٤]- في خ: "انظر".
[٥]- في خ: "فصوب".
[٦]- في ت: "قوله".
[٧]- في خ: "كان".
[٨]- في ت: "كذلك".
[٩]- في ز، خ: "رباب".
[١٠]- في ز: "شأن"، خ: "شاة".
[١١]- في ز، خ: "النمرود".
[١٢]- ما بين المعكوفتين في ز: "فصوبت الرياح".