للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبدًا، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه أبدًا - قال: ويشتغل الناس [١] " (١).

ثم إنه تعالى نزه نفسه عن شركهم [٢] به غيره، وعبادتهم معه ما سواه من الأوثان والأنداد، تعالى وتقدس علوًّا كبيرًا، وهؤلاء هم المكذبون بالساعة، فقال [٣]: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.

﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاتَّقُونِ (٢)

يقول تعالى: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ﴾ أي: الوحي، كقوله [٤]: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ ". وقوله: ﴿عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ وهم الأنبياء، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيثُ يَجْعَلُ رِسَالتَهُ [٥]﴾، وقال: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾، وقال: ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾.

وقوله: ﴿أَنْ أَنْذِرُوا﴾ أي: لينذروا ﴿أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاتَّقُونِ [٦][] [٧] أي: فاتقوا عقوبتي من خالف أمري وعبد غيري.

﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤)


(١) - أخرجه الطبراني (١٧/ ٣٢٥) حديث (٨٩٩)، والحاكم (٤/ ٥٣٩). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٢٠٥)، وزاد نسبته إلى ابن مردريه. قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ٣٣٤): رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله مولى المغيرة وهو ثقة.