للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخبر تعالى عن خلقه العالم العلوي: وهو السموات، والعالم السفلي: وهو الأرض بما حوت، وأن ذلك مخلوق بالحق لا للعبث، بل ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾.

ثم نزه نفسه عن شرك من عبد معه غيره، وهو المستقل بالخلق وحده لا شريك له، فلهذا يستحق أن يعبد وحده لا شريك له.

ثم نبه على خلق جنس الإِنسان من نطفة، أي: مهينة ضعيفة، فلما استقل ودرج إذا هو يخاصم ربه تعالى ويكذبه ويحارب رسله، وهو إنما خلق ليكون عبدًا لا ضدًّا، [كقوله تعالى] [١]: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (٥٤) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾، وقوله [٢]: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَال مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾، وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد (٢) وابن ماجه، عن [بُسر ابن] [٣] جحاش قال: بصق رسول الله [] في كفه، ثم قال: "يقول الله تعالى: ابن آدم، أنَّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سويتك فعدلتك، مشيت بين برديك وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: أتصدق وأنَّى أوان الصدقة؟ ".

﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقَالكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إلا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٧)

يمتن تعالى على عباده بما خلق [] [٤] لهم من الأنعام، وهي الإِبل والبقر والغنم، كما


(٢) - أخرجه أحمد (٤/ ٢١٠) رقم (١٧٨٩٦). وابن ماجة في كتاب الوصايا، باب: النهي عن الإمساك في الحياة والتبذير عند الموت (٢٧٠٧) (٢/ ٩٠٣). قال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح. ورواه الطبراني في الكبير (٢/ ٣٢) حديث (١١٩٣)، (١١٩٤). وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (١٠٩٩) وصحيح ابن ماجه (٢/ ١١١) حديث (٢١٨٨).