للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول تعالى: آمرًا رسوله محمدًا أن يدعو الخلق إلى الله بالحكمة، قال ابن جرير: وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة والموعظة الحسنة. أي: بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس، ذكرهم بها ليحذروا بأس الله تعالى.

وقوله: ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [أي: من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب، كقوله تعالى: ﴿ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن] [١] إلا الذين ظلموا منهم﴾ الآية [٢]، فأمره تعالى بلين الجانب، كما أمر به [٣] موسى وهارون ، حين بعثهما إلى فرعون في قوله: ﴿فقولا له قولًا لينًا لعله يتذكر أو يخشى﴾.

وقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾، أي: قد علم الشقي منهم والسعيد، وكتب ذلك عنده وفرغ منه، فادعهم إلى الله، ولا تذهب نفسك على من ضل منهم حسرات، فإنه ليس عليك هداهم، إنما أنت نذير، عليك البلاغة و [٤] علينا الحساب ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾، و ﴿ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء﴾.

﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إلا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)

يأمر تعالى بالعدل في القصاص [٥]، والمماثلة في استيفاء الحق، كما قال عبد الرزاق: عن الثوري، عن خالد، عن ابن سيرين أنه قال في قوله تعالى: ﴿فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ إن أخذ منك رجل شيئًا فخذ منه [٦] مثله. وكذا قال مجاهد وإبراهيم والحسن البصري وغيرهم واختاره ابن جرير.

وقال ابن زيد: كانوا قد أمروا بالصفح عن المشركين، فأسلم رجال ذوو [٧] منعة،


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٢]- سقط من: خ.
[٣]- سقط من: ز، خ.
[٤]- سقط من: خ.
[٥]- في ز، خ: "الاقتصاص".
[٦]- سقط من: ز، خ.
[٧]- في خ: "ذو"، والمثبت من: ز.