وقال الشعبي وابن جريج: نزلت في قول المسلمين يوم أحد فيمن مثل بهم: [لنربينَّ عليهم][١]. فأنزل الله فيهم ذلك.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه (٧٢): حدثنا هدية بن عبد الوهاب [٢] المروزي، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا عيسى بن عبيد، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال: لما كان يوم أحد قتل من الأنصار ستون رجلًا، ومن المهاجرين ستة، فقال أصحاب رسول الله ﷺ: لئن كان لنا يوم مثل هذا من المشركين [لنربين عليهم][٣]. فلما كان هوم الفتح، قال رجل: لا نعرف قريش بعد اليوم. [فنادى مناد][٤]: أن رسول الله ﷺ قد [٥] أمن الأسود والأبيض، إلا فلانًا وفلانًا -ناسًا سماهم- فأنزل الله ﵎: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ [إلى آخر السورة][٦]. فقال رسول الله ﷺ:"نصبر ولا نعاقب".
وهذه الآية الكريمة لها أمثال في القرآن، فإنها مشتملة على مشروعية العدل، والندب إلى الفضل، كما في قوله: ﴿وجزاء سيئة سيئة مثلها﴾ ثم قال: ﴿فمن عفا وأصلح فأجره على الله﴾ الآية [٧]، وقال: ﴿والجروح قصاص﴾ ثم قال ﴿فمن تصدق به فهو كفارة له﴾، وقال في هذه الآية الكريمة: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ ثم قال: ﴿وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ تأكيد للأمر بالصبر، وإخبار بأن ذلك لا [٨] ينال إلا [٩] بمشيئة الله وإعانته، وحوله وقوته.
(٧٢) - أخرجه أحمد (٥/ ١٣٥) (٢١٣٠٩). وأخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة النحل (٥/ ٢٩٩، ٣٠٠ / رقم: ٣١٢٩). وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من حديث أبي ابن كعب. ورواه النسائي في الكبرى في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ (٦/ ٣٧٦ / رقم: ١١٢٧٩).- كلاهما من طريق أبي عمار الحسين بن حريث عن الفضل بن موسى به. ورواه الحاكم (٢/ ٣٥٨ - ٤٤٦). واختاره الضياء في مختارته حديث ١١٤٤ (٣/ ٣٥١ - ٣٥٢) وقال: ورواه أبو حاتم البستي -يعني ابن حبان- مثل حديث الحسين بن حريث، عن عبد الله بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن الفضل بن موسى. الإحسان حديث ٤٨٧ (١/ ٣٥٤).