للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: (ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليه سلطانًا﴾ أي: سلطة على القاتل، فإنه بالخيار فيه، إن شاء قتله قودًا، وإن شاء عفا عنه على الدية، وإن شاء عفا عنه [١] مجانًا كما ثبتت السنة بذلك (١٥٧)، وقد أخذ الإمام الحبر ابن عباس من عموم هذه الآية الكريمة، ولاية معاوية السلطة أنه سيملك، لأنه كان ولي عثمان، وقد قتل عثمان مظلومًا وكان معاوية يطالب عليًّا أن يسلمه قتلته حتى يقتص منهم لأنه [٢] أموي، وكان علي يستمهله [٣] في الأمر حتى يتمكن ويفعل ذلك، ويطب علي من معاوية أن يسلمه الشام فيأبى معاوية ذلك حتى يسلمه القتلة، وأبى أن يبايع عليًّا هو وأهل الشام، ثم مع المطاولة تمكن معاوية وصار الأمر إليه، كما تفاءل [٤] ابن عباس واستنبطه [٥] من هذه الآية الكريمة، وهذا من الأمر العجيب، وقد روى ذلك الطبراني في معجمه (١٥٨) حيث قال:

حدثنا يحيى بن عبد الباقي، حدثنا أبو عمير بن النحاس، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب، عن مطر الوراق، عن زهدم الجرمي [٦] قال: كنا في سمر ابن عباس فقال: إني محدثكم حديثًا [٧] ليس بسر ولا علانية، إنه لما كان من أمر [٨] هذا الرجل ما كان -يعني عثمان- قلت لعليّ: اعتزل، فلم كنت في جحر طُلبتَ حتى تُستخرج فعصاني، وايم الله ليتأمرن عليكم معاوية، وذلك أن الله تعالى يقول: ﴿ومن كل مظلومًا فقد جعلنا لوليه


= (٣٤٥٠). من طريق محمد بن جعفر عن شعبة له موقوقًا على عبد الله بن عمرو. وقال الترمذي: "هذا أصح من حديث ابن أبي عدي … ". قلت: وابن عدي لم ينفرد برفعه فقد تابعه أبو أسامة وهو ثقة. أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٨/ ٢٢ - ٢٣). وأبو نعيم في الحلية - (٧/ ٢٧٠)، لكن قال البيهقي "والموقوف أصح". وله طريق آخر عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا عند النسائي لكن في إسناده إبراهيم بن مهاجر وليس بالقوي.
(١٥٧) - من ذلك حديث أبي هريرة الطويل. أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الديات، باب: من قتل له قتيل فهو خير النَّظَرين (٦٨٨٠). ومسلم في صحيحه -باب الحج، باب: تحريم مكة وصيدها … - (٤٤٧) (١٣٥٥)، وفيه "ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يُودى وإما أن يقاد. ".
(١٥٨) - أخرجه الطبراني في الكبير - (١٠٦١٣) (١٠/ ٣٢٠). وذكره الهيثمي في المجمع (٧/ ٢٣٩) وقال: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.