للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صرفنا [١] فيه من الوعيد لعلهم يذكرون ما فيه من الحجج، والبينات والمواعظ، فينزجروا [٢] عما هم فيه من الشرك والطم والإفك ﴿وما يزيدهم﴾، أي: الظالمين منهم، ﴿إلا نفورًا﴾، أي: عن الحق وبعدًا منه.

﴿قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (٤٢) سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤٣)

يقول تعالى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين، الزاعمين أن لله شريكًا من خلقه، العابدين معه غيره ليقربهم إليه زلفى: لو كان الأمر كما تقولون، وأن معه آلهة تعبد لتقرب إليه وتشفع لديه- لكان أولئك المعبودون [٣] يعبدونه، ويتقربون إليه، ويبتغون إليه الوسيلة والقربة، فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه من دونه، ولا حاجة لكم إلى معبود يكون واسطة بينكم وبينه؛ فإنه لا يحب ذلك ولا يرضاه، بل يكرهه ويأباه، وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه.

ثم نزه نفسه الكريمة وقدسها فقال: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ﴾، أي: هؤلاء المشركون المعتدون الظالمون في زعمهم أن معه آلهة أخرى ﴿علوًّا كبيرًا﴾، أي: تعاليًا كبيرًا، بل هو الله الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد.

﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤٤)

يقول تعالى: تقدسه السموات السبع والأرض ومن فيهنّ، أي: من المخلوقات، وتنزهه وتعظمه، وتجله وتكبره عما يقول هؤلاء المشركون، وتشهد له بالوحدانية في ربوبيته وإلهيته:

ففي كلِّ شيء لَهُ آية … تدل على أنه واحد

كما قال تعالى: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١)﴾.


[١]- في ز: "وصرفنا".
[٢]- في ز، خ: "فينزجرون".
[٣]- في ز: "المبعودون".