للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسن والضحاك في قوله: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ قال: كل شيء فيه الروح.

وقال ابن جرير (١٧٨): حدثنا محمد بن حميد، حدثنا يحيى بن واضح وزيد بن حباب قال: حدثنا جرير [١]-أبو الخطاب- قال: كنا مع يزيد الرقاشي، ومعه الحسن في طعام، فقوموا الخوان، فقال يزيد الرقاشي: يا أبا سعيد، يسبح هذا الخوان؟ فقال: كان يسبح مرة.

قلت: الخوان هو المائدة من الخشب، فكأن الحسن ذهب إلى أنه لما كان حيًّا فيه خضرة كان يسبح، فلما قطع وصار خشبة يابسة انقطع تسبيحه، وقد يستأنس لهذا القول بحديث ابن عباس: أن رسول الله مر بقبرين فقال: "إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فإن لا يستَتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة"، ثم أخذ جريدة رطبة قشقها نصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة، ثم قال: "لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا". أخرجاه في الصحيحين (١٧٩).

قال بعض من تكلم على هذا الحديث من العلماء: إنما قال: "ما لم ييبسا"؛ لأنهما يسبحان ما دام فيهما خضرة، فإذا يبا انقطع تسبيحهما، والله أعلم.

وقوله: ﴿إنه كان حليمًا غفورًا﴾ أي: إنّه لا يعاجل من عصاه بالعقوبة، بل يؤجله وينظره، فإن استمر على كفره وعناده أخذه [٢] أخذ عزيز مقتدر، كما جاء في الصحيحين (١٨٠): " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته"، ثم قرأ رسول الله : ﴿وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد﴾، وقال تعالى: ﴿وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة لم أخذتها وإليّ


(١٧٨) - أخرجه ابن جرير في تفسيره - (١٥/ ٩٢). ويزيد الرقاشي ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٣٣٤) عن ابن شوذب قال: جلس الحسن مع أصحابه فذكره بنحو هذا- وعزاه إلى ابن أبي حاتم.
(١٧٩) - أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الوضوء، كتاب: من الكبائر أن لا يستتر من بوله (٢١٦).
ومسلم في صحيحه -كتاب الطهارة، باب: الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه (١١١) (٢٩٢). من طريقين عن ابن عباس له. وذكره الحافظ ابن حجر في شرح الحديث المتقدم- من كتابه فتح الباري (١/ ٣٢٠) فليراجع هناك.
(١٨٠) - تقدم تخريجه.