للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (١٠٢)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عما يفعله بالكفار سوم القيامة: إنه يعرض عليهم جهنم، أي: يبرزها لهم ويظهرها؛ ليروا ما فيها من العذاب والنكال قبل دخولها؛ ليكون ذلك أبلغ في تعجيل الهم والحزن لهم.

وفي صحيح مسلم (١٣٠) عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : "يؤتي بجهنم تقاد يوم القيامة بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها [١] ".

ثم قال مخبرًا عنهم: ﴿الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي﴾. أي: تغافلوا وتعاموا وتصامّوا [٢] عن قبول الهدى، واتباع الحق، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾، وقال هاهنا: ﴿وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا﴾، أي: لا يعقلون عن الله أمره ونهيه، ثم قال: ﴿أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ﴾، أي: اعتقدوا أنهم يصح له ذلك وينتفعون بذلك ﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيهِمْ ضِدًّا﴾ ولهذا أخبر الله تعالى أنه قد [٣] أعدّ لهم جهنم سوم القيامة منزلًا.

﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (١٠٥) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (١٠٦)


= والحاكم (٤/ ٥٥٩)، وابن أبي الدنيا في "الأهوال" - (٥٠). وصححه الألباني في الصحيحة- (١٠٧٩) (٣/ ٦٦).
(١٣٠) أخرجه مسلم -كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها … (٢٨٤٢). والترمذي -كتاب صفة جهنم، باب: ما جاء في صفة النار - (٢٥٧٣) (٤/ ٦٠٤) من طريق شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود … فذكره.