للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَقْضِيًّا﴾ قال: قسمًا واجبًا. وقال مجاهد (٢٩٣): حتمًا. قال: قضاء. وكذا قال ابن جريج (٢٩٤).

وقوله: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ أي: إذا مر الخلائق كلهم علي النار، وسقط مها من سقط [] [١] من الكفار والعصاة ذوي المعاصي، بَحَسَبهم، نجي الله تعالى المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم، فَجَوَازهم علي الصراط وسرعتهم بقدر أعمالهم التي كانت في الدنيا، ثم يشفعون في أصحاب الكبائر من المؤمنين، فيشفع [] [٢] الملائكة والنبيون والمؤمنون، فيخرجون خلقًا كثيرًا قد أكلتهم النار، إلا دارات وجوههم -وهي مواضع السجود- وإخراجهم إياهم من النار بحسب ما في قلوبهم من الإيمان، فيخرجونا أولًا من كان في قلبه مثقال دينار من إيمان، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، [ثم الذي يليه]، حتى يخرجون من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان، ثم يخرج الله من النار من قال يومًا من الدهر: لا إله إلا الله، وإن لم يعمل خيرًا قط، ولا يبقى في النار إلا من وجب عليه الخلود، كما وردت [٣] بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ، ولهذا قال تعالى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾.

﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَال الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَينِ خَيرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (٧٤)

يخبر تعالى عن الكفار حين تتلى عليهم آيات الله [٤]، ظاهرة الدلالة، بينة الحجة، واضحة البرهان أنهم يصدون ويعرضون عن ذلك، ويقولون عن الذين آمنوا، مفتخرين عليهم، ومحتجين [] [٥] على صحة ما هم عليه من الدين الباطل، بأنهم [٦]: ﴿خَيرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾ [أي: أحسن منازل، وأرفع دورًا، وأحسن نديًّا] [٧]، وهو [٨]: مجمع الرجال للحديث [٩]، أي: ناديهم [١٠] أعمر وأكثر واردًا وطارقًا، يعنون: فكيف [نكون ونحن] [١١] بهذه المثابة على باطل، وأولئك [الذين هم] [١٢] مختفون مستترون


(٢٩٣) - أخرجه الطبري (١٦/ ١١٤).
(٢٩٤) - أخرجه الطبري (١٦/ ١١٤).