للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)

لما قرر تعالى في هذه السورة الشريفة عبودية عيسى ، وذكر خلقه من مريم بلا أب، شرع في مقام الإنكار على من زعم أن له ولدًا -تعالى وتقدّس وتنزه عن ذلك علوًّا كبيرًا- فقال: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيئًا إِدًّا﴾ أي: في قولكم هذا ﴿شَيئًا إِدًّا﴾ قال ابن عباس (٣٤١) ومجاهد (٣٤٢) وقتادة (٣٤٣) ومالك: أي: عظيمًا. ويقال: إدًّا بكسر الهمزة وفتحها، ومع مدها أيضًا، ثلاث لغات، أشهرها الأولى.

وقوله: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا﴾ أي: يكاد يكون ذلك عند سماعهن [١] هذه المقالة من فجرة بني آدم، إعظامًا للرب وإجلالًا؛ لأنهن مخلوقات ومؤسسات على توحيده، وأنه لا إله إلا هو، وأنه لا شريك له، ولا نظير له، ولا ولد له، ولا صاحبة له، ولا كفء له، بل هو الأحد الصمد.

وفي كُلِّ شيء له آية … تدل على أنه واحد [٢]

وقال ابن جرير (٣٤٤): حدثني عليّ، حدثنا عبد الله، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ [٣] مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا﴾ قال: إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال، وجميع


(٣٤١) - أخرجه الطبري (١٦/ ١٢٩).
(٣٤٢) - أخرجه الطبري (١٦/ ١٢٩).
(٣٤٣) - أخرجه الطبري (١٦/ ١٢٩).
(٣٤٤) - أخرجه الطبري (١٦/ ١٣٠).