للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غالب بن عَجْرَد، حدثني رجل من أهل الشام في مسجد منى قال: بلغني أن الله لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر، لم يكن في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة -[أو قال: كان لهم فيها منفعة] [١]- ولم تزل الأرض والشجر بذلك حتى تكلم فجرة بني آدم بتلك الكلمة العظيمة: قولهم ﴿اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا﴾ فلما تكلموا بها اقشعرت الأرض وشاك الشجر.

وقال كعب الأحبار (٣٤٧): غضبت الملائكة واستعرت [٢] النار، حين قالوا ما قالوا.

وقال الإمام أحمد (٣٤٨): حدثنا أبو [٣] معاوية، حدثنا الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن أبي موسى قال: قال رسول الله : "ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله: إنه يشرك به ويجعل له ولد وهو يعافيهم ويدفع عنهم ويرزقهم".

أخرجاه في الصحيحين. وفي لفظ: "إنهم يجعلون لي ولدًا وهو يرزقهم ويعافيهم".

وقوله: ﴿وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا﴾ أي: لا يصلح له ولا يليق به؛ لجلاله وعظمته لأنه لا كفء له من خلقه [٤] لأن جميع الخلائق عبيد له ولهذا قال: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ أي: قد علم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة، ذكرهم وأنثاهم، وصغيرهم وكبيرهم ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ أي: لا ناصر له ولا مجير إلا الله وحده لا شريك له، فيحكم في خلقه بما يشاء، وهو العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة ولا يظلم أحدًا.

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (٩٨)


(٣٤٧) - أخرجه الطبري (١٦/ ١٣٠).
(٣٤٨) - أخرجه أحمد (٤/ ٣٩٥). والبخاري في كتاب: الأدب، باب: الصبر في الأدب وقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيرِ حِسَابٍ﴾، حديث (٦٠٩٩) (١٠/ ٥١١) وطرفه في (٧٣٧٨). ومسلم في كتاب: صفات المنافقين وأحكامهم، باب: لا أحد أصبر على أذًى من الله ﷿، حديث (٤٩ - ٥٠/ ٢٨٠٤) (١٧/ ٢١٣ - ٢١٤).