للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا محمد. ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾. ثم قال: ولا خفاء بما في هذا من الإِكرام وحسن المعاملة.

وقوله: ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾ قال جوبير: عن الضحاك: لما أنزل الله القرآن على رسوله، قام به هو وأصحابه، فقال المشركون من قريش: ما أنزل هذا القرآن على محمد إلَّا ليشقى! فأنزل الله تعالى: ﴿طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢) إلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾.

فليس الأمر كما زعمه المبطلون، بل من آتاه الله العلم فقد أراد به خيرًا كثيرًا، كما ثبت في الصحيحين (١٠) عن معاوية، قال: قال رسول الله، : "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين".

وما أحسن الحديث الذي رواه الحافظ أَبو القاسم الطبراني (١١) في ذلك، حيث قال:

حدَّثنا أحمد بن زهير، حدَّثنا العلاء بن سالم، حدَّثنا إبراهيم الطالقاني، حدَّثنا ابن المبارك، عن سفيان، عن سماك بن حرب، عن ثعلبة بن الحكم قال: قال رسول الله، : "يقول الله تعالى للعلماء يوم القيامة، إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده: إني لم أجعل علمي وحكمتي فيكم إلَّا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي"!

إسناده جيد، وثعلبة بن الحكم هذا [هو الليثي] [١] ذكره أَبو عمر [٢] في استيعابه، وقال: نزل البصرة، ثم تحول إلى الكوفة، وروى عنه سماك بن حرب.

وقال مجاهد (١٢) في قوله: ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾: هي كقوله: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾، وكانوا يُعَلِّقون الحبال بصدورهم في الصلاة.

وقال قَتَادة (١٣): ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾ لا، والله ما جعله شقاء، ولكن


(١٠) - أخرجه البخاري في كتاب فرض الخمس، باب: قول الله تعالى: ﴿لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ﴾، حديث (٣١١٦)، (٦/ ٢١٧)، ومسلم في: كتاب الزكاة، باب: النهي عن المسألة، حديث ١٠٠ - (١٠٣٧)، (٧/ ١٨١) من حديث معاوية به.
(١١) - أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) برقم (١٣٨١) (٣/ ٨٤) من حديث ثعلبة بن الحكم به.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ١٢٩) وقال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون. ا هـ
(١٢) - أخرجه الطبري في "تفسيره": (١٦/ ١٣٧).
(١٣) - أخرجه الطبري في "تفسيره": (١٦/ ١٣٧).