للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعله رحمة ونورًا، ودليلًا إلى [١] الجنَّة.

﴿إلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾: إن الله أنزل كتابه وبعث رسله رحمة، رحم بها العباد، ليتذكر ذاكر، وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله، وهو ذكر أنزل الله فيه حلاله وحرامه.

و [٢] قوله: ﴿تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى﴾ أي: هذا القرآن الذي جاءك يا محمد تنزيل من رب كل شيء ومليكه، القادر على ما يشاء، الذي خلق الأرض بانخفاضها وكثافتها، وخلق السموات العلى في ارتفاعها ولطافتها، وقد جاء في الحديث الذي صححه التِّرمِذي وغيره: أن سُمْك كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وبعد ما بينها والتي تليها مسيرة [٣] خمسمائة عام.

وقد أورد ابن أبي حاتم هاهنا حديث الأوعال من رواية العباس عم رسول الله، ، ورضي الله عنه.

وقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ تقدم الكلام على ذلك في سورة الأعراف بما أغنى عن إعادته أيضًا، وأن المسلك الأسلم في ذلك طريقة السلف، إمرار ما جاء في ذلك من الكتاب والسنة، من غير تكييف ولا تحريف ولا تشبيه ولا تعطل ولا تمثيل.

وقوله: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَينَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى﴾ أي: الجميع ملكه وفي قبضته، وتحت تصريفه ومشيئته، وإرادته وحكمه، وهو خالق ذلك، ومالكه وإلهه، لا إله سواه، ولا رب غيره.

وقوله: ﴿وَمَا تَحْتَ الثَّرَى﴾، قال محمد بن كعب (١٤): ما تحت الأرض السابعة.

وقال الأوزاعي (١٥): إن يحيى بن أبي كعير حدثه: أن كعبًا سئل فقيل له: ما تحت هذه الأرض؟ قال: الماء. قيل: وما تحت الماء؟ قال: الأرض. قيل: وما تحت الأرض؟ قال: الماء. قيل: وما تحت الماء؟ قال: الأرض. قيل: وما تحت الأرض؟! قال: الماء. قيل: وما ما تحت الماء؟ قال: الأرض. قيل: وما تحت الأرض؟ قال: الماء. قيل: وما تحت الماء؟ قال: الأرض. قيل: وما تحت الأرض؟! قال: صخرة. قيل: وما تحت


(١٤) - أخرجه الطبري في "تفسيره": (١٦/ ١٣٩)، وذكره السيوطي في "الدر المنثور": (٤/ ٥١٨)، وعزاه إلى ابن أبي حاتم.
(١٥) - ذكره السيوطي في "الدر المنثور": (٤/ ٥١٨) بنحوه عن جابر بن عبد الله مرفوعًا.