للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: إنما أمره بخلع نعليه تعظيمًا للبقعة.

قال سعيد بن جبير: كما يؤمر الرجل أن يخلع نعليه إذا أراد دخول [١] الكعبة.

وقيل: ليطأ الأرض المقدسة بقدميه حافيًا غير منتعل. وقيل غير ذلك، والله أعلم.

وقوله: ﴿طِوًى﴾، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس (٢٤): هو اسم للوادي.

وكذا قال غير واحد. فعلى هذا كون عطف بيان.

وقيل: عبارة عن الأمر بالوطء بقدميه. وقيل: لأنه قُدِّس مرتين، وطوى له البركة وكررت. والأول أصح، لقوله [٢]: ﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾.

وقوله: ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ كقوله: ﴿إِنِّي اصْطَفَيتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلَامِي﴾ أي: على جميع الناس من الموجودين في زمانه.

وقيل: إن الله تعالى قال: يا موسى، أتدري لم خصصتك بالتكليم من بين الناس؟ قال: لا. قال] [٣]: لأني لم يتواضع لي أحد تواضعك.

وقوله: ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾ أي: اسمع الآن ما أقول لك وأوحيه إليك: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا﴾ هذا أول واجب على المكلفين، أن يعلموا أنَّه لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

وقوله: ﴿فَاعْبُدْنِي﴾ أي: وخدني وقم بعبادتي من غير شريك ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾، قيل: معناه صل لتذكرني. وقيل: معناه: وأقم الصلاة عند ذكرك لي.

ويشهد لهذا الثاني ما قال الإِمام أحمد (٢٥): حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدَّثنا المثنى بن سعيد، عن حمَّادة، عنَ أَنس، عن النبي، قال: (إذا رقد أحدكم عن الصلاة، أو غفل عنها، فليصلها إذا ذكرها، وإن الله تعالى قال: ﴿وَأَقِمِ [٤]


(٢٤) - أخرجه الطبري في "تفسيره": (١٦/ ١٤٦)، وذكره السيوطي في "الدر المنثور": (٤/ ٥٢٣)، وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عبَّاس.
(٢٥) - أخرجه أحمد (٣/ ١٨٤)، والبخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب: من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، ولا يعيد إلَّا تلك الصلاة، حديث (٥٩٧)، (٢/ ٧٠). ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، حديث (٦٨٤) (٥/ ٢٦٩).