للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جانب الطور نارًا، أي: ظهرت له نار من جانب الجبل الذي هناك عن يمينه، فقال لأهله يبشرهم: (﴿إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ﴾ أي: شهاب من نار، وفي الآية الأخرى: ﴿أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ﴾ وهي: الجمر الذي معه لهب ﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ دل على وجود البرد، وقوله: ﴿بِقَبَسٍ﴾ دل على وجود الظلام.

وقول: ﴿أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾ أي: من يهديني [١] الطريق، دلَّ على أنَّه [كان] [٢] قد تاه عن الطريق، كما قال الثَّوري عن أبي سعيد الأعور، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس (٢٢) في قوله: ﴿أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾ قال: من يهديني [٣] إلى الطريق، وكانوا شاتين وضلوا الطَّرِيق، فلما رأى النار قال: إن لم أجد أحدًا يهديني [٤] آتِكم بنار توقدون بها.

﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (١٥) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (١٦)

يقول تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا﴾ أي: النار واقترب منها، ﴿نُودِيَ يَامُوسَى﴾. وفي الآية الأخرى ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ﴾، وقال هاهنا: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾ أي: الذي يكلمك ويخاطبك ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيكَ﴾ قال علي بن أبي طالب (٢٣) وأَبو ذرٍّ وأَبو أيوب، وغير واحد من السلف: كانتا من جلد حمار غير ذكي [٥].


(٢٢) - أخرجه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ١٤٣).
(٢٣) - أخرجه الطبري في "تفسيره": (١٦/ ١٤٤)، وذكره السيوطي في "الدر المنثور": (٤/ ٥٢٢)، وعزاه إلى عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.