وقد رواه الإِمام أبو بكر البيهقي في كتابه:"دلائل النبوة" فلم يجز به موسى بن عقبة. ساقه في مغازيه بنحوه، قال: وقد روينا عن ابن إسحاق هذه القصة.
قلت: وقد ذكرها محمَّد بن إسحاق في السيرة بنحو من هذا، وكلها مرسلات ومنقطعات، فالله أعلم. وقد ساقها البغوي في تفسيره مجموعة من كلام ابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي، وغيرهما بينحو من ذلك، ثم سأل هاهنا سؤالًا: كيف وقع مثل هذا مع العصمة المضمونة من الله تعالى لرسوله صلوات الله وسلامه عليه؟ ثم حكى [][١] أجوبة عن الناس، من ألطفها: أن الشيطان أوقع في مسامع المشركين ذلك، فتوهموا أنه صدر عن رسول الله ﵌، وليس كذلك في نفس الأمر، بل [٢] إنما كان من صنيع الشيطان، لا من رسول الرحمن صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والله أعلم.
وهكذا تنوّعت أجوبة المتكلمين عن هذا بتقدير صحته، وقد تعرض القاضي عياض ﵀ في كتاب "الشفاء" لهذا وأجاب بما حاصله.
وقوله: ﴿إلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾، هذا فيه تسلية له -صلوات الله وسلامه عليه- -أي: لا يهيدنك ذلك [٣] فقد أصاب مثل هذا من قبلك من المرسلين والأنبياء.
قال البخاري: قال ابن عباس: ﴿فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ وإذا حدث ألقى الشيطان في حديثه، فيبطل الله ما يلقى الشيطان، ويحكم الله آياته.
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿إِذَا تَمَنَّى [أَلْقَى الشَّيطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾، يقول: إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه.
وقال مجاهد: ﴿إِذَا تَمَنَّى﴾] [٤] يعني: إذا قال:
ويقال: ﴿أُمْنِيَّتِهِ﴾ قراءته [٥]، ﴿إلا أَمَانِيَّ﴾: يقولون ولا يكتبون [٦].
قال البغوي (١٦٥): وأكثر المفسرين قالوا: معنى قوله ﴿تَمَنَّى﴾، أي: تلا وقرأ كتاب الله، ﴿أَلْقَى الشَّيطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ أي: في تلاوته. قال الشاعر في عثمان [حين