فقال: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾، أي: من قبل هذا القرآن، ﴿وَفِي هَذَا﴾، وقد قال النسائي (١٧٣) عند تفسير [١] هذه الآية:
أنبأنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن شعيب، أنبأنا معاوية بن سلام، أن أخاه زيد بن سلام أخبره، عن أبي سلام أنه أخبره قال: أخبرني الحارث الأشعري، عن رسول الله ﷺ قال:"من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي [٢] جهنم". قال رجل: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟ قال:"نعم، وإن صام وصلى، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها: المسلمين، المؤمنين، عباد الله".
وقد قدمنا هذا الحديث بطوله عند تفسير قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ من سورة البقرة، ولهذا قال: ﴿لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا﴾، أي: إنما جعلناكم هكذا أمة وسطًا، عدولًا [٣]، خيارًا، مشهودًا بعدالتكم عند جميع الأمم، لتكونوا يوم القيامة ﴿شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ لأن جميع الأم معترفة يومئذ [بسيادتها وفضلها][٤] علي كل أمة سواها، فلهذا تقبل شهادتهم عليهم يوم القيامة، في أن الرسل بلغتهم رسالة ربهم، والرسول يشهد علي هذه الأمة أنه بلغها ذلك. وقد تقدم الكلام علي هذا عند قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُمْ شَهِيدًا﴾. وذكرنا حديث نوح وأمته بما أغنى عن إعادته.
وقوله: ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾، أي: قابلوا هذه النعمة العظيمة بالقيام بشكرها، وأدوا حق الله عليكم في أداء ما افترض، وطاعة ما أوجب، وترك ما حرم، ومن أهم ذلك إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة: وهو الإحسان إلي خلق الله، بما أوجب للفقير على الغنى، من إخراج جزء نزر [٥] من ماله في السَّنَة للضعفاء والمحاويج، كما تقدم بيانه وتفصيله في آية الزكاة من سورة التوبة وقوله: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ﴾، أي: اعتضدوا بالله واستعينوا [واتكلوا][٦] عليه وتأيدوا به ﴿هُوَ مَوْلَاكُمْ﴾، أي: حافظكم وناصركم، ومظفركم علي أعدائكم، ﴿فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾، [يعني: نعم [٧] الولي] [٨]، ونعم الناصر من الأعداء.