"غشمه وظلمه، ولا يكسب عبد مالًا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدّق به فيقبل منه، ولا تركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله لا يمحو السيء بالسيء، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الحبيث".
يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧)﴾، أي: هم مع [١] إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصالح، مشفقون من الله خائفون منه، وجلون من مكره بهم؛ كما قال الحسن البصري: إن المؤمن جمع إحسانًا وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة وأمنًا.
﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨)﴾، أي: يؤمنون بآياته الكونية والشرعية؛ كقوله تعالى إخبارًا عن مريم ﵍: ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ﴾، أي: أيقنت أن ما كان فإنما [٢] هو عن قدر الله وقضائه، وما شرعه الله فهو إن كان أمرًا فمما يحبه ويرضاه، وإن كان نهيًا فهو مما يكرهه ويأباه، وإن كان خبرًا فهو حق، كما قال الله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (٥٩)﴾، أي: لا يعبدون معه غيره، بل يوحدونه ويعلمون أنه لا إله إلا الله، أحدًا صمدًا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، وأنه لا نظير له ولا كفء له.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (٦٠)﴾. أي: يعطون العطاء [٣] وهم خائفون أن لا يتقبل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط الإعطاء، وهذا من باب الإِشفاق [٤] والاحتياط.
كما قال الإِمام أحمد (٣٨): حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا مالك بن مغول، حدثنا عبد الرحمن بن سعيد بن وهب، عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله! ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ [٥] هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو يخاف الله ﷿؟ قال: "لا يا بنت أبي بكر يا بنت الصديق؛ ولكنه الذي [يصلي و][٦] يصوم
(٣٨) المسند (٦/ ١٥٩) (١٥٣٧٠) والحديث أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب: ومن =