للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذلك الطريق لو قد كنت عليه، وإني لأدعوك [إلى أسهل] [١] من ذلك لو دعيت إليه". وذكر لنا أن نبي الله لقي رجلًا فقال له [٢]: "أسلم". فتصعده ذلك، فقال له نبي الله : "أرأيت فتيَيْك؛ أحدهما إذا حدثك صدقك، وإذا ائتمنته أدى إليك، أهو أحب إليك أم فتاك الذي إذا حدثك كذبك، وإذا ائتمنته خانك؟ ". قال: بل فتاي الذي إذا حدثني صدقني، وإذا ائتمنته أدى إليَّ. فقال النبي : "كذاكم أنتم [٣] عند ربكم".

وقوله: ﴿وَلَو اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ قال مجاهد وأبو صالح والسدي: الحق هو الله ﷿، والمراد: لو أجابهم الله إلي ما في أنفسهم من الهوى، وشرع الأمور على وفق ذلك، ﴿لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾، أي: لفساد أهوائهم واختلافها.

كما أخبر عنهم في قولهم: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ [٤] هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَينِ عَظِيمٍ﴾، ثم قال: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ﴾، وقال تعالى: ﴿قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا﴾، وقال: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾، ففي هذَا كله تبيين عجز العباد، واختلاف آرائهم وأهوائهم، وأنه تعالى هو الكامل في جميع صفاته، وأقواله وأفعاله، وشرعه وقدره، وتدبيره لخلقه، تعالى وتقدس، فلا إله غيره، ولا رب سواه. ثم قال: ﴿بَلْ أَتَينَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ﴾ يعني القرآن. ﴿فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ﴾.

وقوله: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا﴾، قال الحسن: أجرًا. وقال قتادة: جعلًا ﴿فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيرٌ﴾ أي: أنت لا تسألهم أجرًا [٥] ولا جعلا ولا شيئًا على دعوتك إياهم إلى الهدى، بل أنت في ذلك تحتسب عند الله جزيل ثوابه، كما قال: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إلا عَلَى اللَّهِ﴾ وقال: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ وقال: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ أَجْرًا إلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾، وقال، ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَال يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾.

وقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ﴾. قال الإِمام أحمد:


[١]- في خ: لأسهل.
[٢]- سقط من: ز، خ.
[٣]- سقط من: ز، خ.
[٤]- في ز: أنزل.
[٥]- في ز: أجرة.