للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾، يعنون: الإعادة محال، إنما يخبر بها من تلقاها عن كتب الأولين واختلافهم. وهذا الإنكار والتكذيب منهم كقوله تعالى إخبارًا عنهم: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (١١) قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (١٢) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَال مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾.

﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَينَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٩٠)

يقرر تعالى وحدانيته واستقلاله بالخلق والتصرف والملك، ليرشد إلى أنه الذي لا إله إلا هو، ولا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، ولهذا قال لرسوله محمد أن يقول للمشركين العابدين معه غيره، المعترفين له بالربوبية، وأنه لا شريك [١] له فيها، ومع هذا فقد أشركوا معه في الإلهية، فعبدوا غيره معه، مع اعترافهم أن الذين عبدوهم لا يخلقون شيئًا، ولا يملكونَ شيئًا، ولا يستبدون بشيء، بل اعتقدوا أنهم يقربونهم إليه زلفى: ﴿[مَا نَعْبُدُهُمْ] [٢] إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ فقال: ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا﴾، أي: مَن مالكها الذي خلقها ومن فيها من الحيوانات والنباتات والثمرات، وسائر صنوف المخلوقات ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾، أي: فيعترفون لك بأن ذلك لله وحده لا شريك له، فإذا كان ذلك ﴿قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ أنه لا تنبغي العبادة إلا للخالق الرازق لا لغيره.

﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ أي: من هو خالق العالم العلوي بما فيه من الكواكب النيرات، والملائكة الخاضعين له في سائر الأقطار منها والجهات، ومن هو رب العرش العظيم، يعني: الذي هو سقف المخلوقات، كما جاء في الحديث الذي


[١]- في ز: شرك.
[٢]- في ز: إنما نعبدهم.