للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: على أذى الناس، فعاملوهم بالجميل مع إسدائهم إليهم القبيح ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ أي: في الدنيا والآخرة.

وقوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ أمره الله [١] أن يستعيذ من الشياطين؛ لأنهم لا تنفع معهم الحيل، ولا ينقادون بالمعروف.

وقد قدمنا عند الاستعاذة أن رسول الله كان يقول: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه" (٤٨).

وقوله تعالى: ﴿وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾، أي: في شيء من أمري، ولهذا أمر بذكر الله في ابتداء الأمور، وذلك مَطْرَدَة للشياطين، عند الأكل والجماع والذبح، وغير ذلك من الأمور؛ ولهذا روى أبو داود (٤٩) أن رسول الله كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهرم، وأعوذ بك من الهدم ومن الغرق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت".

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كان رسول الله يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع: "بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامه من غضبه. وعقابه، ومن شر عاده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون" (٥٠).

قال: فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرًا - لا يعقل أن يحفظها - كتبها له فعلقها في عنقه، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث محمد بن إسحاق، وقال الترمذي: حسن غريب.

﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَال رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠)

يخبر تعالى عن حال المحتضر عند الموت، من الكافرين أو المفرطين في أمر الله تعالى،


(٤٨) انظر تفسير الاستعاذة في تفسير سورة الفاتحة.
(٤٩) سنن أبي داود، كتاب الصلاة برقم (١٥٥٢). والنسائي في الاستعاذة (٥٥٣١، ٥٥٣٢).
(٥٠) المسند (٢/ ١٨١)، وسنن أبي داود، كتاب الطب (٣٨٩٣)، وسنن الترمذي، كتاب الدعوات (٣٥٢٨)، والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠٦٠١).