للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يكون مقهورًا، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾، أي: عما يقول الظالون المعتدون في دعواهم الولد أو الشريك علوًا كبيرًا.

﴿عَالِمِ الْغَيبِ وَالشَّهَادَةِ﴾، أي: يعلم [ما يغيب] [١] عن المخلوقات وما يشاهدونه، ﴿فَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾، أي: تقدس وتنزه وتعالى وعزَّ وجلَّ [عما يقول الظالمون والجاحدون] [٢].

﴿قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)

يقول تعالى آمرًا [نبيه محمدًا ] [٣] أن يدعو [٤] بهذا الدعاء عند حلول النقم: ﴿رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ﴾، أي: إِنْ [٥] عاقبتهم -وإني شاهدٌ ذلك- فلا تجعلني فيهم، كما جاء في الحديث الذي رواه الإِمام أحمد (٤٧) والترمذي وصححه: "وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون".

وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ﴾، أي: لو شئنا لأريناك ما نحل [٦] بهم من النقم والبلاء والمحن.

ثم قال مرشدًا له إلى الترياق النافع في مخالطة الناس، وهو الإحسان إلى من يسيء، ليستجلب خاطره، فتعود عداوته صداقة، وبغضه محبة، فقال تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾، وهذا كما قال في الآية الأخرى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾، أي: ما يلهم هذه الوصية أو هذه [٧] الخصلة أو الصفة ﴿إلا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾،


(٤٧) السند (٥/ ٢٤٣) (٢٢٢٠٨)، أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة "ص" (٥/ ٣٦٨، ٣٦٩ / رقم: ٣٢٣٥). من طريق محمد بن بشار، عن معاذ بن هانئ، عن جهضم بن عبد الله اليمامي به وقال: هذا حديث حسن صحيح.