يكون مقهورًا، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾، أي: عما يقول الظالون المعتدون في دعواهم الولد أو الشريك علوًا كبيرًا.
﴿عَالِمِ الْغَيبِ وَالشَّهَادَةِ﴾، أي: يعلم [ما يغيب][١] عن المخلوقات وما يشاهدونه، ﴿فَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾، أي: تقدس وتنزه وتعالى وعزَّ وجلَّ [عما يقول الظالمون والجاحدون][٢].
يقول تعالى آمرًا [نبيه محمدًا ﷺ][٣] أن يدعو [٤] بهذا الدعاء عند حلول النقم: ﴿رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ﴾، أي: إِنْ [٥] عاقبتهم -وإني شاهدٌ ذلك- فلا تجعلني فيهم، كما جاء في الحديث الذي رواه الإِمام أحمد (٤٧) والترمذي وصححه: "وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون".
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ﴾، أي: لو شئنا لأريناك ما نحل [٦] بهم من النقم والبلاء والمحن.
ثم قال مرشدًا له إلى الترياق النافع في مخالطة الناس، وهو الإحسان إلى من يسيء، ليستجلب خاطره، فتعود عداوته صداقة، وبغضه محبة، فقال تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾، وهذا كما قال في الآية الأخرى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾، أي: ما يلهم هذه الوصية أو هذه [٧] الخصلة أو الصفة ﴿إلا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾،
(٤٧) السند (٥/ ٢٤٣) (٢٢٢٠٨)، أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة "ص" (٥/ ٣٦٨، ٣٦٩ / رقم: ٣٢٣٥). من طريق محمد بن بشار، عن معاذ بن هانئ، عن جهضم بن عبد الله اليمامي به وقال: هذا حديث حسن صحيح.