للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ [١]﴾، أي: سيعترفون أن السيد العظيم الذي يجير ولا يجار عليه هو الله تعالى وحده لا شريك له، ﴿قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾، أي: فكيف تذهب عقولكم في عبادتكم معه غيره، مع اعترافكم وعلمكم بذلك؟

ثم قال تعالى: ﴿بَلْ أَتَينَاهُمْ بِالْحَقِّ﴾ وهو الإِعلام بأنه لا إله إلا الله، وأقمنا الأدلة الصحيحة الواضحة القاطعة على ذلك ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾، أي. في [٢] عبادتهم مع الله غيره، ولا دليل لهم على ذلك، كما قال في آخر السورة ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ فالمشركون لا يفعلون [٣] ذلك [عن دليل قادهم إلى ما هم فيه من الإفك والضلال، وإنما يفعلون ذلك] [٤] اتباعًا لأبائهم وأسلافهم الحيارى الجهال، كما [قال الله عنهم] [٥]: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾.

﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عَالِمِ الْغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢)

ينزه تعالى نفسه عن أن يكون له ولد أو شريك في الملك، فقال تعالى: ﴿[مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ] [٦] وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾، أي: لو قدر تعدد الآلهة، لانفرد كل منهم بما يخلق، فما كان ينتظم الوجود، والمشاهد أن الوجود منتظم متسق، كل من العالم العلوي والسفلي مرتبط بعضه ببعض في غاية الكمال ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾. ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه، فيعلو بعضهم على بعض، والمتكلمون ذكروا هذا المعنى وعبروا عنه بدليل التمانع، وهو أنه لو فرض صانعان فصاعدًا، فأراد واحد تحريك جسم وأراد الآخر سكونه، فإن لم يحصل مراد كل واحد [٧] منهما كانا عاجزين، والواجب لا يكون عاجزًا، ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد، وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد، فيكون محالًا، فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر، كان الغالب هو الواجب، والآخر المغلوب ممكنًا، لأنه [٨] لا يليق بصفة [٩] الواجب أن


[١]- في ز: الله.
[٢]- سقط من ز.
[٣]- في ز: يعقلون.
[٤]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٥]- في ز: قالوا.
[٦]- سقط من ز.
[٧]- سقط من ز.
[٨]- سقط من: ز، خ.
[٩]- في ز: لصفة.