للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو صخر: البرزخ: المقابر، لا هم في الدنيا ولاهم في الآخرة، فهم مقيمون إلى يوم يبعثون.

وفي قوله تعالى: ﴿ومن ورائهم برزخ﴾ تهديد لهؤلاء المحتضرين من الظلمة بعذاب البرزخ، كما قال تعالى: ﴿من ورائهم جهنم﴾ وقال: ﴿ومن ورائه عذاب غيظ﴾.

وقوله تعالى: ﴿إلى يوم يبعثون﴾، أي: يستمر به العذاب إلى يوم البعث، كما جاء في الحديث: "فلا يزال معذبًا فيها" أي: في الأرض.

﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَينَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (١٠٤)

يخبر تعالى أنه إذا نفخ في الصور نفخة النشور، وقام الناس من القبور ﴿فلا أنساب بينهم﴾، أي: لا تنفع الأنساب يومئذ ولا يرثي والد لولده ولا يلوي عليه، قال الله تعالى: ﴿ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم﴾، أي: لا يسأل القريب عن قريبه وهو يبصره، ولو كان عليه من الأوزار ما قد أثقل ظهره وهو أعز الناس عليه - كان - في الدنيا ما التفت إليه ولا حمل عنه وزن جناح بعوضة؛ قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)﴾.

وقال ابن مسعود: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد: ألا من كان له مظلمة فليجئ فليأخذ حقه. قال: فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيرًا؛ ومصداق ذلك في كتاب الله: قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾. رواه ابن أبي حاتم.

وقال الإمام أحمد (٥٢): حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثتنا أم بَكر بنت المسور بن مَخْرَمة، عن عبيد [١] الله بن أبي رافع، عن المسور -هو


(٥٢) المسند (٤/ ٣٢٣) (١٨٩٦٠)، ورواه البخاري في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب فاطمة (٣٧٦٧). ومسلم في صحيحه بشرح النووي في كتاب فضائل =