ذلك، أمرهم الله تعالى أن لا ينصرفوا [١] عنه والحالة هذه إلا بعد استئذانه ومشاورته، وإن من يفعل ذلك فهو [٢] من المؤمنين الكاملين.
ثم أمر رسوله -صلوات الله وسلامه عليه- إذا استأذنه أحد منهم في ذلك أن يأذن له إن شاء، ولهذا قال: ﴿فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [٣]﴾.
وقد قال أبو داود (٢٠٠): حَدَّثَنَا أحمد بن حَنْبَل ومُسَدّد قالا: حَدَّثَنَا بشر -هو ابن المفضل- عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست [٤] الأولى بأحق من الآخرة". وهكذا رواه الترمذي والنسائي من حديث محمد بن عجلان به، وقال الترمذي: حسن.
قال الضحاك، عن ابن عباس: كانوا يقولون: "يا محمد"، "يا أبا القاسم"، فنهاهم الله ﷿[عن ذلك][٥]، إعظامًا لنبيه ﷺ قال: فقالوا: يا رسول الله، يا نبي الله. وهكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير. وقال قتادة: أمر الله أن يهاب نبيه ﷺ وأن يُبَجْل، وأن يعظم، وأن يسود [٦]. وقال مقاتل [ابن حيان][٧] في قوله: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَينَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾، يقول: لا تُسَمُّوه إذا دَعَوتموه "يا محمد"، ولا تقولوا:"يا ابن عبد الله"، ولكن شَرّفوه فقولوا:"يا نبي الله"، "يا رسول الله".
وقال مالك، عن زيد بن أسلم في قوله: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَينَكُمْ كَدُعَاءِ
(٢٠٠) سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب: في السلام إذا قام من المجلس حديث (٥٢٠٨)، وسنن الترمذي في الاستئذان حديث (٢٧٠٦)، والنسائي في السنن الكبرى حديث (١٠٢٠١).