للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾، قال: أمرهم الله [١] أن يشرفوه. هذا قول، وهو الظاهر من السياق، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا﴾.

وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيهِمْ لَكَانَ خَيرًا لَهُمْ﴾ الآية [٢] وهذا [٣] كله من باب الأدب [٤] [في مخاطبة النبي والكلام معه، وعنده، كما أمروا بتقديم الصدقة قبل مناجاته] [٥].

والقول الثاني في ذلك: أن المعنى في: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَينَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾، أي: لا تعتقدوا أن دعاءه على غيره كدعاء غيره، فإن دعاءه مستجاب، فأحذروا أن يدعو عليكم فتهلكوا. حكاه ابن أبي حاتم عن ابن عباس والحسن البصري وعطية العوفي، والله [٦] أعلم.

وقوله: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا﴾، قال مقاتل بن حَيَّان: هم المنافقون، كان يثقل عليهم الحديث في يوم الجمعة -ويعني بالحديث: الخطبة- فيلوذون ببعض أصحاب محمد حتى يخرجوا في المسجد، وكان [٧] لا يصلح [٨] للرجل أن يخرج من المسجد إلا بإذن من النبي في يوم الجمعة، بعد ما يأخذ في الخطبة، وكان إذا أراد أحدهم الخروج أشارَ بأصبعه إلى النبي فيأذن له من غير أن يتكلم الرجل؛ لأن الرجل منهم [٩] كان إذا تكلم والنبي يخطب، بطلتْ جُمعته.

وقال السدي: كانوا إذا كانوا معه في جماعة لاذ بعضهم ببعض، حتى يتغيبوا عنه، فلا يراهم.

وقال قتادة في قوله: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا﴾ [يعني: لوذًا عن نبي الله وعن كتابه.


[١]- سقط من: ز.
[٢]- سقط من: ز.
[٣]- في ز: "فهذا".
[٤]- في ز: "الآداب".
[٥]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٦]- في ز: "فالله".
[٧]- في ز: "فكان".
[٨]- في ت: "يصح".
[٩]- سقط من: ز.