للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سفيان: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا﴾، قال: من الصف. وقال مجاهد في الآية: ﴿لِوَاذًا﴾: [١] خلافًا.

وقوله: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾، أي: عن أمر رسول الله و [٢] سبيله هو ومنهاجه، وطريقته، وسنته [٣]، وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائنًا من [٤] كان، كما ثبت في الصحيحين (٢٠١) وغيرهما، عن رسول الله أنه قال: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدّ". أي: فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنًا أو [٥] ظاهرًا ﴿أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ﴾، أي: في قلوبهم، من كفر أو نفاق أو بدعة، ﴿أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، أي: في الدنيا، بقتل أو حدٍّ أو حبس، أو نحو ذلك.

قال الإِمام أحمد (٢٠٢): حَدَّثَنَا عبد الرزاق، حَدَّثَنَا معمر، عن همام بن مُنبِّه قال: هذا ما حَدَّثَنَا أبو هريرة قال: قال رسول الله : "مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارًا، فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهي هذه الدواب اللائي [٦] يقعن [في النار يقعن] [٧] فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه ويتقحّمن [٨] فيها، قال: فذلك مثلي ومثلكم، أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار! فتغلبوني وتقتحمون فيها". أخرجاه من حديث عبد الرزاق.

﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ (٦٤)

يخبر تعالى أنه مالك السماوات والأرض، وأنه عالم [غيب السماوات والأرض] [٩]، وهو عالم بما العباد عاملون في سرهم وجهرهم، فقال: ﴿قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيهِ﴾ "وقد" للتحقيق، كما قال قبلها: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا﴾، وقال تعالى:


(٢٠١) صحيح البخاري، كتاب الصلح، حديث (٢٦٩٧)، وصحيح مسلم، كتاب الأقضية (١٧١٨).
(٢٠٢) المسند (٢/ ٣١٢)، ومسلم في الفضائل (٢٢٨٤) وليس عند البخاري من هذا الطريق.