للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ [وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَينَا] [١]﴾، وقال تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ] [٢]﴾ وقال: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ … الآية. وقال: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ فكل هذه الآيات فيها تحقيق الفعل بـ "قد"، كما يقول المؤذن تحقيقًا وثبوتًا: (قد قامت الصلاة. قد قامت الصلاة). فقوله [٣] تعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيهِ﴾، أي: هو عالم به، مشاهد له، لا يعزب عنه مثقال ذرة، كما قال تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. وقوله [٤]: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إلا كُنَّا عَلَيكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾، وقال تعالى: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ أي: هو شهيد على عباده بما هم فاعلون من خير وشر، وقال تعالى: ﴿أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ الآية [٥]، وقال تعالى: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ وقال تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾، وقال: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيبِ لَا يَعْلَمُهَا إلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جدًّا.

وقوله: ﴿وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيهِ﴾، أي: ويوم ترجع الخلائق إلى الله -وهو يوم القيامة- ﴿فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا﴾، أي: يخبرهم بما فعلوا في الدنيا، من جليل وحقير، وصغير وكبير، كما قال تعالى: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣)﴾، وقال: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾، ولهذا قال هاهنا: ﴿وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ﴾، والحمد لله رب العالمين، ونسأله التمام.

* * *


[١]- مكانها في ت: "الآية".
[٢]- مكانها في ت: "الآية".
[٣]- في ز: "وقوله".
[٤]- في ز: "قال".
[٥]- سقط من: ز.