للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعطى أحدٌ من بعدك، ولا ينقص ذلك مما لك عند الله؟ فقال: اجمعوها لي في الآخرة. فأنزل الله ﷿ في ذلك: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا﴾ وقوله: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ﴾، أي: إنّما يقول هؤلاء هكذا تكذيبًا وعنادًا، لا أنهم يطلبون ذلك تبصرًا واسترشادًا، بل تكذيبهم بيوم القيامة يحملهم على قول ما يقولونه من هذه الأقوال. ﴿وَأَعْتَدْنَا﴾، أي: أرصدنا ﴿لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا﴾، أي: عذابًا أليمًا حارًّا لا يطاق في نار جهنم.

وقال الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير: السعير: وادٍ من قيح جهنم.

وقوله: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ﴾، أي: جهنم ﴿مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾، يعني: في مقام المحشر - قال السدي: من مسيرة مائة عام - ﴿سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾، أي: حنقًا عليهم، كما قال تعالى: ﴿إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيظِ﴾، أي: يكاد ينفصل بعضها من بعض، من شدة غيظها على من كفر بالله.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا إدريس بن حاتم بن الأحنف [١] الواسطي - أنه سمع محمد بن الحسن الواسطي، عن أصبغ بن زيد، عن خالد بن كثير، عن خالد بن دُرَيك [٢]، عن رجل من أصحاب النبي، ، قال: قال رسول الله، : "من يقل عليّ ما لم أقل، أو ادعي إلى غير والديه، أو انتمى إلى غير مواليه فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدًا". قيل: يا رسول الله، وهل لها من عينين؟ قال: "أما سمعتم الله يقول: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ الآية". رواه ابن جرير عن محمود [٣] بن خداش، عن محمد بن يزيد الواسطي، به.

وقال أيضًا: حدثنا أبيّ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عيسى بن سُلَيم، عن أبي وائل قال: خرجنا مع عبد الله -يعني: ابن مسعود- ومعنا الربيع بن خُثَيم [٤] فمروا على حداد، فقام عبد الله ينظر إلى حديدة في النار، ونظر الربيع بن خُثَيم [٥] إليها، فتمايل ليسقط، فمر عبد الله على أَتون (*) على [شاطئ] [٦] الفرات، فلما رآه عبد الله والنار تلتهب في جوفه؛ قرأ هذه الآية: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ فصعق [٧]-يعني: الربيع [بن خثيم] [٨]- فحملوه [٩] إلى [أهله] [١٠]، ورابطه (**)


[١]- في ت: "الأخيف".
[٢]- في الطبري: خالد بن كثير عن فديك.
[٣]- في ت: "محمد".
[٤]- في ت: "خيثم".
[٥]- في ت: "خيثم".
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: ت.
(*) الأتون: الموقد الكبير، كموقد الحمَّام والجصَّاص.
[٧]- في ز، خ: "صعق".
[٨]- ما بين المعكوفتين سقط من: ت.
[٩]- في ت: "وحملوه".
[١٠]- ما بين المعكوفتين في ت: "أهل بيته".