[قال][١] الإِمام أحمد (٦): حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن يزيد، عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال:"أول من يكسى حلة من النار إبليس، فيضعها على حاجبيه ويسحبها منْ خَلْفه، وذريته من بعده، وهو ينادي: يا ثبوراه. وينادون: يا ثبورهم! حتى يقفوا على النار، فيقول: يا ثبوراه! ويقولون: يا ثبورهم! فيقال لهم: ﴿لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ ". لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، ورواه ابن أبي حاتم، عن أحمد بن سنان، عن عفان، به. ورواه ابن جرير، من حديث حماد [٢] بن سلمة، به.
وقال العَوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾، أي: لا تدعوا اليوم ويلًا واحدًا، وادعوا ويلًا كثيرًا. وقال الضحاك: الثبور: الهلاكُ. والأظهر أن الثبور يجمع الهلاك والويل والخَسَار والدّمار، كما قال موسى لفرعون: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ أي: هالكًا، وقال عبد الله بن الزِّبَعْرَي:
يقول تعالى: يا محمد، هذا الذي وصفناه من حال هؤلاء [٣] الأشقياء، الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم، فتتلقاهم بوجه عبوس، وبغيظ وزفير، ويُلقَون في أماكنها الضيقة مقرَّنين، لا يستطعون حراكًا، ولا انتصارًا، ولا فكاكًا مما هم فيه؛ أهذا خير أم جنة الخلد التي وعدها الله للمتقين [٤] من عباده، التي أعدها لهم، وجعلها لهم جزاء على ما أطاعوه في الدنيا، وجعل مآلهم إليها.
﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ﴾ من الملاذ: من مآكل ومشارب، وملابس ومساكن، ومراكب ومناظر، وغير ذلك، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خَطَر على قلب أحد. وهم في