للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك خالدون [دائمًا أبدًا] [١] سرمدًا بلا انقطاع و [٢] لا زوال ولا انقضاء، ولا يبغون عنها حوَلا. وهذا من وَعْد الله الذي تفضل به عليهم، وأحسن به إليهم؛ ولهذا قال: ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا﴾ أي: لا بد أن يقع وأن يكون، كما حكاه أبو جعفر بن جرير عن بعض علماء العربية أن معنى قوله: ﴿وَعْدًا مَسْئُولًا﴾ أي: وعدا واجبًا.

وقال ابن جُريج، عن عطاء، عن ابن عباس: ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا﴾، يقول: سلوا الذي واعدتكم -أو قال: واعدناكم- نُنْجِز.

وقال محمد بن كعب القرظي في قوله تعالى: ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا﴾: إن الملائكة تسأل لهم ذلك، ﴿رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ﴾.

وقال أبو حازم: إذا كان يوم القيامة؛ قال المؤمنون: ربنا عملنا لك بالذي أمرتنا [٣]، فانجز لنا ما وعدتنا. فذلك قوله: ﴿وَعْدًا مَسْئُولًا﴾ وهذا المقام في هذه السورة من ذكر النار، ثم التنبيه على حال أهل الجنة، كما ذكر تعالى في "سورة الصافات" حال أهل الجنة، [] [٤] وما فيها من النضرة والحبور، ثم قال: ﴿أَذَلِكَ خَيرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (٦٧) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ﴾.

﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (١٨) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (١٩)

يقول تعالى مخبرًا عما يَقَع يوم القيامة من تقريع الكفار في عبادتهم من عبدوا من دون الله، من الملائكة وغيرهم، فقال: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ [٥] وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، قال مجاهد:


[١]- ما بين المعكوفتين في ت: "أبدًا دائمًا".
[٢]- سقط من: ز.
[٣]- في خ، ز: "وعدتنا".
[٤]- ما بين المعكوفتين في ز: "ثم".
[٥]- في ز، خ: "نحشرهم" وهي قراءة: نافع، وأبي عمرو، وحمزة، والكسائي، وابن عامر. وقد أثبتنا قراءة حفص بن عاصم.